ونسج على منواله في بهت الإمامية جماعة كثيرون من هم الشهرستاني في الملل والنحل إذ ألحق بهم كل مستهجن وألصق فيهم كل قبيح. ذكر أنهم افترقوا بعد الإمام أبي محمد الحسن العسكري إحدى عشرة فرقة، والله يعلم أنهم لم يفترقوا في أصول الدين أو شئ من العقائد وإنما أراد بتفرقهم إطفاء نورهم، وليته أسند شيئا من الأقاويل التي نقلها عن تلك الفرق إلى كتاب يتلى أو شخص خلقه الله تعالى، وليته أخبرنا عن بلاد واحدة من تلك الفرق أو زمانها أو اسمها فإنه قال: وليس لهم ألقاب مشهورة ولكنا نذكر أقاويلهم. بالله عليك هل سمعت بفرق متخاصمة ونحل آراؤها متعاركة لا يعرف لهم في الأحياء والأموات رجل ولا امرأة ولا يوجد في الخارج لهم مسمى ولا اسم؟
وقد نقل عن زرارة بن أعين وهشام بن الحكم (2) ومؤمن الطاق محمد بن النعمان وهشام بن سالم أمورا ترتعد منها الفرائص وتقشعر لها الجلود فلم يقدح ذلك في سمو مقامهم وعظيم خطرهم عند الله ورسوله والمؤمنين وما أدري كيف اختص الشهرستاني وأصحابه بالاطلاع على أقوال هؤلاء الأعلام دوننا، مع أنهم سلفنا وفرطنا قد بحثنا عن رأيهم وأخذنا من الدين بهديهم، فنحن أعرف الناس بمذاهبهم وصحاحنا مشحونة من حديثهم وأسفارنا مملوءة من أقوالهم في الكلام والتفسير والفقه وأصوله، وفي أيدينا جملة أحوالهم وتفاصيل أخبارهم، فلا يجوز أن يخفى علينا من أحوالهم ما ظهر لغيرنا، مع بعده عنهم في المشرب ومخالفته لهم في المذهب وكونهم ليسوا محلا لابتلائه في شئ من أمور الدنيا والدين، ولو رأيناهم يذهبون إلى ما عزاه الشهرستاني إليهم لبرأنا منهم كما هي سنتنا فيمن نراه معوجا عن الحق أو منتهجا نهج الضلال.