هذا أبو ثابت سعد بن عبادة العقبي البدري سيد الخزرج ونقيبهم وجواد الأنصار وعظيمهم، تخلف عن بيعة الخليفتين، وخرج مغاضبا إلى الشام فقتل غيلة بحوران سنة 15 للهجرة، وله كلام يوم السقيفة وبعده نلفت الطالبين له إلى كتاب الإمامة والسياسة لابن قتيبة أو إلى تاريخ الطبري أو كامل ابن الأثير أو غيرها من كتب السير والأخبار، فإني لا أظنه يخلو من كتاب يشتمل على ذكر السقيفة وكل من ذكر سعدا من أهل التراجم ذكر تخلفه عن البيعة، ومع ذلك لم يرتابوا في كونه من أفضل المسلمين وعدول المؤمنين، وما ذاك إلا لكونه متأولا، فهو معذور عندهم وإن كان مخطئا.
وهذا حباب بن المنذر بن الجموح الأنصاري البدري الأحدي، تخلف عن البيعة أيضا كما هو معلوم بحكم الضرورة من تاريخ السلف، فلم يقدح ذلك في عدالته ولا أنقص من فضله، وهو القائل: أنا جذيلها المحكك، وعذيقها المرجب (1) أنا أبو شبل في عرينة الأسد، والله لئن شئتم لنعيدنها جذعة. وله كلام آخر رأينا الإعراض عنه أولى، ولولا معذرة المتأولين ما كان أهل السنة ليقطعوا بأن هذا الرجل من أفاضل أهل الجنة، ومع مكاشفته للخليفتين بما هو مبسوط في كتب الفريقين.
وهذا أمير المؤمنين عليه السلام، وعمه العباس وبنوه، وعتبة بن أبي لهب، وسائر بني هاشم، وسلمان الفارسي، وأبو ذر، والمقداد، وعمار، والزبير، وخزيمة بن ثابت، وأبي بن كعب، وفروة بن عمرو بن ودقة الأنصاري، وخالد ابن سعد بن العاص، والبراء بن عازب، ونفر غيرهم تخلفوا عن البيعة أيضا بحكم ما تواتر من الأخبار واتضح اتضاح الشمس في رائعة النهار، وقد نص الشيخان