عنه فطعنته برمحي حتى قتلته، فلما قدمنا بلغ النبي صلى الله عليه وآله ذلك فقال: يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟ قلت: كان متعوذا. قال: فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم.
قلت: ما تمنى ذلك حتى اعتقد أن جميع ما عمله قبل هذه الواقعة (من إيمان وصحبة وجهاد وصلاة وصوم وزكاة وحج وغيرها) لا يذهب عنه هذه السيئة، وأن أعماله الصالحة بأجمعها قد حبطت بها. ولا يخفى ما في كلامه من الدلالة على أنه كان يخاف أن لا يغفر له، ولذلك تمنى تأخر إسلامه عن هذه الخطيئة ليكون داخلا في حكم قوله (ص): " الإسلام يجب ما قبله ". وناهيك بهذا دليلا على احترام لا إله إلا الله وأهلها، وإذا كانت هذه حال من يقولها متعوذا فما ظنك بمن انعقدت بها نطفته ثم رضعها من ثديي أمه، فاشتد عليها عظمه ونبت بها لحمه وامتلأ من نورها قلبه ودانت بها جميع جوارحه، فلينته أهل العناد عن غيهم وليحذروا غضب الله تعالى وسخط نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم.
وفي الصحيحين بالإسناد إلى المقداد بن عمرو أنه قال: يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فاقتتلنا فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها، ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله، أأقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تقتله، فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله (3) وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال (4).
قلت: ليس في كلام العرب ولا غيرهم عبارة هي أدل على احترام الإسلام وأهله من هذا الحديث الشريف، وأي عبارة تكايله في ذلك أو توازنه، وقد