كما أفك أعداء الأنبياء إذ نسبوا السحر والجنون إليهم، ونحن نناشدكم الله أيها الناس متى كانت الشيعة غير خاضعة للسلطان، وفي أي جهة من مملكته المحروسة كان ذلك منهم، وبما بغوا عليه؟ أرأيتموهم تأخروا عن أداء الخراج، أو توقفوا عن دفع الضرائب الأعشار والإعانات أو تخلفوا عن جهاد عدوه، أو قصروا عن طليعة عساكره، أو تقهقروا عن مقدمة جنوده، أو خانوه في خدمة، أو كفروا له نعمة؟! كلا والله ما كان ذلك منهم ولا هو جائز عندهم، والناصب الكاذب يعلم براءتهم منه (1) ويقطع بأنهم في غاية البعد عنه، وإنما أراد إغراء السلطان بهم وحمله على استئصالهم ومبالغة في إبادتهم واحتياطا على أن لا يكون لهم نصيب من مراحم الدولة ولا حصة من عدل القانون ولا سهم من إنصاف الولاة ولاحظ من معاشرة العامة (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون).
وأما قوله بكفرهم فإنه قول من لا يخاف من الله؟ ولا يخشى منه نقمة، قول لم يرجع فيه إلى دين ولا عمل فيه بما تواتر عن سيد النبيين والمرسلين (ص) من الحكم بالاسلام، على كل من أقام الصلاة وآتى الزكاة وصام الشهر وحج البيت من أهل الشهادتين والإيمان باليوم الآخر.
وقد أفردنا في أوائل هذه الرسالة فصلا لبيان معنى الإسلام والإيمان وهو الفصل الثاني منها وأوردنا فيه وفي الفصول الثلاثة التي بعده طائفة من الصحاح الحاكمة بما قلنا، وتكلمنا هناك بما يجدر بالباحث المدقق أن يقف عليه، فالمرجو ممن وقف على هذا الفصل مراجعة تلك الفصول، ليعلم أن قواعد الشريعة