بسقوط الدولة الأموية، فلما ملك بنو العباس نسجوا معهم على ذلك المنوال وعملوا مع أئمة أهل البيت أفظع الأعمال، حتى قضى (الكاظم) في سجونهم، وتجرع (الرضا) كأس السم من يد مأمونهم، وكربوا قبر الحسين عليه السلام، وأبادوا نسل محمد صلى الله عليه وآله، فعاد على شيعة أهل البيت ذلك البلاء وحلت بهم من ولاة الدولة العباسية وعلمائها تلك اللأواء الولاة تفنيهم بسهامها وعلماء التزلف ترميهم، بأقلامها.. بيد أن ظلم السيف لم يبق وظلم القلم مسجل ما بقيت كتب الضلال، فالعاقل المتثبت لا يصدق في حق الشيعة علماء تلك الدولتين، ولا يعتني بما كان في أيامهما من الأراجيف فإنها أكاذيب أوجبتها سياسة الملك واقتضتها قواعد الظالمين.
" القسم الثاني " طائفة من العلماء حملهم على ذلك مجرد الخوف من ميل الناس إلى الشيعة، ومحض الحذر من اتباع سائر المسلمين لطريقتهم، وكأنهم قد استباحوا بذلك تنفير الناس عنهم بكل طريق، فقالوا ما قالوا ونالوا ما نالوا، على علم منهم بأن الإمامية منزهون عما افتروه عليهم مقدسون عما نسبوه إليهم، إلا في مسألة واحدة تتعلق بمباحث الإمامة والسياسة لا نتحاشى منها، وهي على قواعد الخصم لا تعار اهتماما زائدا لو أنصفوا لأنها ليست من الأصول عندهم كما لا يخفى.
" القسم الثالث " طائفة قد التبس الأمر عليهم، لأن اسم الشيعة غير خاص بالإمامية بل مشترك بينها وبين فرق كثيرة، كالآغا خانية والكيسانية والناووسية والخطابية والفطحية والواقفية وغيرها، فربما وجدوا أقوالا منكرة ومذاهب مكفرة لإحدى تلك الفرق الضالة التي يطلق عليها لفظ الشيعة فظنوا أنه مذهب الجميع، فأرسلوه عنهم إرسال المسلمات، وأعانهم على ذلك وغر في صدورهم وغيظ في نفوسهم، يمنعانهم عن التثبت في النقل.
ولله ورع الإمامية وتثبتهم إذ يرون الكرامية وهم طائفة من أهل السنة