من عس بالليل، وأول من عاقب على الهجاء، وأول من ضرب في الخمر ثمانين، وأول من حرم المتعة الخ.
والذين صرحوا بهذا من أعلام السلف والخلف لا يحيط بهم هذا الاملاء وفي هذا القدر كفاية إذ تبين به أن تحريم المتعتين إنما كان عن اجتهاد محض وتأول صرف، وقد قوبل بالإذعان ولم يندد به من الجمهور إنسان، فثبت ما أردناه في هذه العجالة وتم ما أفردنا له هذه الرسالة من معذرة المجتهدين ونجاة المتأولين من المسلمين والحمد لله رب العالمين.
ولنرجع إلى ما كنا فيه من موارد تأولهم فنقول عطفا على ما سبق.
ومنها تأولهم في أذان الصبح حيث تصرفوا فيه فنظموا في سلك فصوله فصلا لم يكن أيام رسول الله صلى الله عليه وآله، ألا وهو نداء مؤذنهم " الصلاة خير من النوم " بل لم يكن أيام أبي بكر وإنما أمر به الخليفة الثاني فيما دلت عليه الأحاديث المتواترة من طريق العترة الطاهرة، وحسبك من غيرها ما أخرجه الإمام مالك في باب ما جاء في النداء للصلاة من موطأه من أنه بلغه أن المؤذن جاء إلى عمر بن الخطاب يؤذنه لصلاة الصبح فوجده نائما فقال: الصلاة خير من النوم، فأمره عمر أن يجعلها في نداء الصبح انتهى بلفظه. وقال العلامة الزرقاني عند بلوغه إلى هذا الحديث من شرح الموطأ ما هذا لفظه: هذا البلاغ أخرجه الدارقطني في السنن من طريق وكيع في مصنفه عن العمري عن نافع عن ابن عمر عن عمر. (قال) وأخرج عن سفيان عن محمد بن عجلان عن نافع بن عمر عن عمر أنه قال لمؤذنه: إذا بلغت حي على الفلاح في الفجر فقل " الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم " ا ه.
قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة من حديث هشام بن عروة، ورواه جماعة آخرون يطول المقام بذكرهم.