المعصية لا الكفر الحقيقي، فلتكن الأخبار المتعلقة في السب مثلا على فرض صحتها نظير هذه الصحاح، ويوضح لك ما نقول إجماع الخلف والسلف من أهل السنة على أن من مات موحدا دخل الجنة ولو عمل من المعاصي ما عمل، كما ستسمعه عن الفاضل النووي قريبا إن شاء الله تعالى.
" الرابع " ما أورده القاضي عياض في الباب الأول من القسم الرابع من كتاب الشفا، أن رجلا من المسلمين سب أبا بكر بمحضر منه رضي الله عنه فقال أبو برزة الأسلمي: خليفة رسول الله دعني أضرب عنقه. فقال: اجلس ليس ذلك لأحد إلا لرسول الله صلى الله عليه وآله ا ه. وأخرجه الإمام أحمد من حديث أبي بكر في صفحة 9 من الجزء الأول من مسنده.
بالله عليك إذا كان هذا حكم الصديق فيمن واجهه بالسب وهذه فتواه فيمن تسور على مقامه بالشتم فمن أين نحكم بعده بالتكفير، وكيف نقضي بوجوب القتل أو نفتي بجواز التعزير؟ أنحن أعرف منه بالأحكام أم أحرص على إقامة الحدود؟ كلا بل لو ارتد ذلك الساب لا قام عليه حد المرتدين، ولو كفر بها لرتب عليه آثار الكافرين، وحاشا أبا بكر من تعطيل حدود الله أو تبديل أحكامه عز وجل.
وقد اقتدى به في ذلك الصالحون، ونسج على منواله المتورعون كعمر بن عبد العزيز حيث كتب إليه عامله بالكوفة يستشيره في قتل رجل سب عمر بن الخطاب (رض) فكتب إليه كما في الباب المتقدم ذكره من الشفا: لا يحل قتل امرئ مسلم بسبب أحد من الناس، إلا رجلا سب رسول الله صلى الله عليه وآله، فمن سبه فقد؟ حل دمه.
وأخرج محمد بن سعد في أحوال عمر بن عبد العزيز في صفحة 279 من الجزء الخامس من طبقاته بسنده إلى سهيل بن أبي صالح قال: إن عمر بن عبد العزيز