قلت: إذا كان صاحب لا إله إلا الله بحيث لو قتل عمر بن الخطاب وهو الخليفة الثاني لحاجة بها فأمر أهل التوحيد إذن سهل يسير، فليتق الله أهل الشقاق ولينهض رجال الاصلاح بأسباب الوئام والوفاق، فقد نصب الغرب لنا حبائله ووجه نحونا قنابله وأظلنا منطاده بكل صاعقة وأقلنا نفقه بكل بائقة وأحاط بنا أسطوله وضربت في أطلالنا طبوله، ولئن لم يعتصم المسلمون بحبل الاجتماع ويبرؤا إلى الله من هذا النزاع ليكونن أذلاء خاسئين وأرقاء صاغرين (أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا).
وأخرج البخاري عن أنس " رض " قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها وصلوا صلاتنا واستقبلوا قبلتنا وذبحوا ذبيحتنا حرمت علينا دماؤهم وأموالهم ا ه.
قلت: هل بقي بعد هذه الأحاديث الصحيحة والنصوص الصريحة ملتمس لشغب المشاغب ومطمع يتشبث به الناصب؟ كلا ورب محمد صلى الله عليه وآله وسلم، إن دين الإسلام برئ ما يزعمه المرجفون، مناقض لما يحاوله المجحفون (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون).
وفي الصحيحين بالإسناد إلى ابن عمر " رض " قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو بمنى - قد أشار إلى مكة المعظمة -: أتدرون أي بلد هذا؟
قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: فإن هذا بلد حرام، أتدرون أي يوم هذا؟
قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: إنه يوم حرام، أتدرون أي شهر هذا؟
قالوا: الله ورسوله أعلم قال: شهر حرام. قال: فإن الله حرم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم كحرمة يومكم هذا في شهر كم هذا في بلدكم هذا ا ه.
والصحاح الستة وغيرها مشحونة من هذه الأخبار، وهي أشهر من الشمس في رائعة النهار.