ولا سيما أحاديث الشفاعة حتى يقال لرسول الله صلى الله عليه وآله (فيما أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين): أخرج من النار من في قلبه أدنى من مثقال حبة خردل من إيمان.
ولو أردنا إيراد ما في الصحيحين من أحاديث الشفاعة المشتملة على أعظم البشائر لطال المقام، لكنا أشرنا إليها ليراجعها من أرادها. على أن الشيخين (البخاري ومسلما) أخرجا في صحيحيهما عن عثمان بن عفان أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة. وهذا ظاهر بأن مجرد العلم بالوحدانية موجب لدخول الجنة. ومثله ما أخرجه الطبراني في الكبير عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من علم أن الله ربه وإني نبيه صادقا عن قلبه حرم الله لحمه على النار.
وهذه الأخبار أجلى من الشمس في رائعة النهار وصحتها أشهر من نار على علم، فيها من البشائر ما ربما هون على المسلم موبقات الكبائر، فدونك أبوابها في كتب أهل السنة لتعلم حكمها عليك وعليهم بالجنة (4) وكلما ذكرناه شذر من بذر، ونقطة من لجج بحر، اكتفينا منها بما ذكره البخاري في كتابه وكرره بالأسانيد المتعددة في كثير من أبوابه، ولم نتعرض لما في باقي الصحاح، إذ انشق بما ذكرناه عمود الفجر واندلع لسان الصباح، وإن عندنا صحاحا أخر فزنا بها من طريق أئمتنا الاثني عشر:
روتها هداة قولهم وحديثهم * روى جدنا عن جبرئيل عن الباري