سعد (كما في صحيحي البخاري ومسلم) ما هذا يا رسول الله؟ قال: هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء ا ه - إلى ما لا يحصى من قبيل هذه الأحاديث المشهورة، مما لا يمكن استقصاؤه وفي هذا المقدار كفاية.
وأما ما جاء في الصحيحين من أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه، وفي رواية ببعض بكاء أهله عليه، وفي رواية ببكاء الحي، وفي رواية يعذب في قبره بما نيح عليه، وفي رواية من يبك عليه يعذب، فإنه خطأ من الراوي بحكم العقل والنقل.
قال الفاضل النووي (عند ذكر هذه الروايات في باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه من شرح صحيح مسلم): هذه الروايات كلها من رواية عمر بن الخطاب وابنه عبد الله، قال: وأنكرت عائشة عليهما، ونسبتهما إلى النسيان والاشتباه واحتجت بقوله تعالى: " ولا تزر وازرة وزر أخرى ".
قلت: وأنكر هذه الروايات أيضا ابن عباس واحتج على خطأ راويها، والتفصيل في الصحيحين وشروحهما، وما زالت عائشة وعمر في هذه المسألة على طرفي نقيض حتى ناحت على أبيها يوم مات، فكان بينها وبين عمر ما قد سمعت، والتفصيل في رسالتنا " الأساليب البديعة في رجحان مآتم الشيعة " وفي مقدمة مجالسنا الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة (15).
وللسلف تأولات غير الذي ذكرناه كتأخيرهم مقام إبراهيم إلى موضعه اليوم (16) وكان ملصقا بالبيت، وتوسعتهم المسجد الحرام سنة 17 للهجرة