تأليف المسلمين وإعلامهم بأنهم إخوان في الدين، ولا نرتاب في أن سب رجل من عرض المؤمنين - فضلا عن سلفنا الصالح من الصحابة والتابعين - موبقة وفسق، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: سباب المسلم فسق وقتاله كفر.
ولنرجع إلى ما كنا فيه فنقول: نقل علي بن حزم الظاهري عن الأشاعرة ما لا يتسنى معه القول بتكفير أحد أصلا، وإليك عبارته بحروفها، قال في أثناء شنع المرجئة في ص 206 من الجزء الرابع من فصله: وأما الأشعرية فقالوا:
إن شتم من أظهر الإسلام لله تعالى ولرسوله بأفحش ما يكون من الشتم، وإعلان التكذيب لهما باللسان بلا تقية ولا حكاية، والإقرار بأنه يدين بذلك ليس شئ من ذلك كفرا ا ه.
وفي صفحة 204 من الجزء الرابع من الفصل أيضا: نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري وجميع أصحابه القول بأن الإيمان عقد بالقلب، وإن أعلن الكفر بلسانه بلا تقية، وعبد الأوثان أو لزم اليهودية أو النصرانية في دار الإسلام، وعبد الصليث وأعلن التثليث في دار الإسلام، ومات على ذلك فهو مؤمن كامل الإيمان عند الله عز وجل من أهل الجنة ا ه.
ولا يخفى أنه إذا ثبت هذا عن الإمام الأشعري وأصحابه - وهم جميع إخواننا السنيين في هذه الأعصر - هان الأمر في مسألتنا، إذا لا يمكنهم حينئذ تكفير من يجاهرهم بصريح الكفر، فكيف يتسنى لهم تكفير من انطوى ضميره على تقديس الله عز وجل، وانعقد قلبه على تنزيهه، ونبضت شرايينه بتسبيحه، ونبت لحمه واشتد عظمه على توحيده، وخالط الإيمان مخه ودمه وامتزج بجميع عناصره، فشهد به لسانه، وبخعت له أركانه، واعترفت به حركاته، وأقرت به سكناته، مؤمنا برسوله، موقنا بجميع ما جاء به من عند الله عز وجل، يحيي ما أحياه الكتاب والسنة، ويميت ما أماتاه، لكن