كان عالما بكل لغة، وفي كثير من الأخبار: (إنه كان يتكلم باثنين أو بثلاث وسبعين لسانا) (1)، وإن الله تعالى لا يرسل رسولا إلى قوم وهو لا يعرف لسانهم ولا يفهم لغتهم (2)، وروي في تفسير قوله تعالى: (إني حفيظ عليم): (أي بكل لسان) (3)، وفي تفسير علي بن إبراهيم: قال الصادق عليه السلام: (وأعطي سليمان بن داود مع علمه معرفة المنطق بكل لسان ومعرفة اللغات ومنطق الطير والبهائم والسباع، فكان إذا شاهد الحروب تكلم بالفارسية، وإذا قعد لعماله وجنوده وأهل مملكته تكلم بالرومية، وإذا خلا بنسائه تكلم بالسريانية والنبطية، وإذا قام في محرابه لمناجاة ربه تكلم بالعربية، وإذا جلس للوفود والخصماء تكلم بالعبرانية). (4) أرأيت أنه بعث على قوم مخصوصين، أو عجز من أرسله على إقداره عليه، أو كان أمر لا يحتاج الابلاغ إليه، أليس في صحاحهم أنه صلى الله عليه وآله تكلم مع الذئب والجمل حين اشتكيا إليه الجوع وكثرة العمل؟ أهما تكلما بالعربية فقد علما غير لغتهما ففضلهما أكثر، أو تكلم صلى الله عليه وآله بلغتهما، فليس معرفة لغة الوحوش والسباع أصعب وأولى من معرفة الفارسية، مع أنه في المورد مطروح بما نقلنا سابقا من إكمال الدين عن موسى بن جعفر عليهما السلام من: (إن الله تعالى علمه العربية قبل مهاجرته من فارس)، مع أنه كيف يقبل في العادة أن يكون سلمان في جزيرة العرب سنين متطاولة ويخدم الموالي منهم ولا يتعلم لغتهم، وبذكاء أهل فارس وجودة ذهنهم وسرعة انتقالهم تضرب الأمثال.
قوله: وهذا السياق يدل - اه، فيه: إنه لا دلالة فيه على ما نقله: (إنه كان في المرة الثالثة أو الثانية)، فيحتمل أن يكون في المرة الأولى، فراجع.