المتوحد في ملكوته فلم يزل فردا، نحمده على نعمه الجسام وآلائه العظام، حمدا لا غاية لمدده ولا نهاية لعدده، الذي أنعم على أذل عباده نفسا وأجلهم جرما وأقلهم علما وأكثرهم زللا وأخسرهم عملا، فوفقه لتأليف هذا الكتاب، المرصع أصوله بدرر أخبار الأئمة الأطياب، الموشح فصوله بحلل آثار السادة الأنجاب، والمرجو من إحسانه التام العميم، والمأمول من فضله العام الجسيم أن يجعله خالصا لوجهه الكريم، وأن ينفعني به في يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وأسئله أن يثبته في كتاب مرقوم، يشهده المقربون، ويدخلني في حزبه الذين هم المفلحون، وأوليائه الذين لا خوف عليهم ولاهم يحزنون، ويحشرني في زمرة: (تعرف في وجوههم نضرة النعيم، يسقون من رحيق مختوم، ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) (1).
وكان من أحسن تقدير الله النافذ الماضي، أن جعل فراغي من تسويد يراعى (2) تلك الأوراق ليلة القدر - ثلاث وعشرين من شهر الله المبارك شهر رمضان - من شهور سنة ثلاث وثمانين بعد الألف والمأتين من الهجرة النبوية، على مهاجرها وآله ألف ألف صلاة والسلام وتحية.
وكتب بيمناه الدائرة الفانية الجانية، العبد المسئ المنسي حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي، مؤلف الكتاب في مشهد أبي عبد الله الحسين عليه السلام في السنة المذكورة آنفا.
والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم من الأولين والآخرين.