الأولين وأخطأتم أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)، وقوله (أما والله لو وضعتموها حيث وضع الله لأكلتم من فوق رؤوسكم ومن تحت أرجلكم رغدا، أما والله حيث عدلتم بها من أهل بيت نبيكم ليطمعون فيها الطلقاء وأبناء الطلقاء ونساء الطلقاء)، حتى روي عن ابن عمر أنه قال: (ما أبغضت أحدا كبغضي سلمان يوم قال هذا القول، وإني قلت يريد شق عصا المسلمين ووقوع الخلاف بينهم، ولا أحببت أحدا كحبي له يوم القيامة رأيت مروان بن الحكم على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: رحم الله سلمان لقد طمع فيه الطلقاء وأبناء الطلقاء)، وغير ذلك من الألفاظ المنقولة عنه، وقد يجوز أن يجمع في إنكاره بين الفارسية والعربية ليفهم إنكاره أهل اللغتين معا، فلم يخاطب على هذا العرب بالفارسية، فأما قول السائل: إن راويه واحد من حيث لا يجوز أن يرويه إلا من فهم الفارسية فطريف، لأن الشئ قد يرويه من لا يعرف معناه، فلعل الناقلين لهذا الكلام كانوا جميعا أو كان أكثرهم لا يعرف معناه، غير أنهم نقلوا ما سمعوا، وفهم معناه من عرف اللغة أو أخبره عنه من يعرفها، فإن قالوا: قوله: كرديد ونكرديد، فيه تثبيت لإمامته، قيل: هذا باطل، لأنه أراد بقوله: كرديد، فعلتم، وبقوله نكرديد:
لم تفعلوا، والمعنى: إنكم عقدتم لمن لا يصلح للأمر ولا يستحقه وعدلتم عن المستحق، وهذه عادة الناس في إنكار ما يجري على غير وجهه، لأنهم يقولون: فعل فلان ولم يفعل، والمراد ما ذكرناه، وقد صرح سلمان رضي الله عنه بذلك في قوله: (أصبتم سنة الأولين وأخطأتم سنة أهل بيت نبيكم)، وقد فسر بالعربية معنى كلامه.
فإن قالوا: أراد أصبتم الحق وأخطأتم المعدن، لأن عادة الفرس أن لا يزيل الملك عن أهل بيت الملك، قيل: الذي يبطل هذا الكلام تفسير سلمان لكلام نفسه، فهو أعرف بمعناه، على أن سلمان رضي الله عنه كان اتقى الله وأعرف به من أن يريد من المسلمين أن يسلكوا سنن الأكاسرة والجبابرة ويعدلوا عما شرعه لهم نبيهم، فإن قيل: فقد تولى سلمان لعمر المدائن، فلولا أنه كان راضيا بذلك لم يتول ذلك؟ قيل: ذلك أيضا محمول على التقية وما