وفي مدينة المعجزات في الباب الثامن والستين عن سلمان (الفارسي رضي الله عنه) قال: (كنت يوما جالسا عند مولينا أمير المؤمنين عليه السلام بأرض قفراء، فرأى دراجا فكلمه (عليه السلام) فقال (له): منذ كم أنت كنت (1) في هذه البرية ومن أين مطعمك ومشربك؟ فقال: يا أمير المؤمنين! منذ أربعمائة سنة أنا في هذه البرية ومطعمي ومشربي إذا جعت فأصلي عليكم فأشبع وإذا عطشت فادعو على ظالميكم فأروى، قلت: يا أمير المؤمنين!
(صلوات الله وسلامه عليك) هذا شئ عجيب، ما أعطي منطق الطير إلا لسليمان بن داود (عليه السلام)، فقال (عليه السلام): يا سلمان! أما علمت أني أعطيت سليمان ذلك، يا سلمان! أتريد أن أريك شيئا أعجب من هذا؟
قلت: بلى يا أمير المؤمنين ويا خليفة رسول رب العالمين، قال: فرفع رأسه إلى الهواء وقال: يا طاووس اهبط * فهبط، ثم قال: يا صقر اهبط، فهبط، ثم قال: يا باز اهبط، فهبط، ثم قال: يا غراب اهبط، فهبط، ثم قال: يا سلمان!
اذبحهم وانتف ريشهم وقطعهم إربا إربا واخلط لحومهم، ففعلت (ك) - ما أمرني مولاي وتحيرت في أمره ثم التفت إلي وقال: ما تقول؟ فقلت:
يا مولاي! أطيار تطير في الهواء لم أعرف لهم ذنبا أمرتني بذبحهم؟ قال:
يا سلمان! أتريد أن أحييها الساعة؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، فنظر إليها شزرا وقال: طيري بقدرة الله، فطارت الطيور جميعا بإذن الله تعالى، (قال:) فتعجبت من ذلك وقلت: يا مولاي! هذا أمر عظيم، قال: يا سلمان!
لا تعجب من أمر الله فإنه قادر على ما يشاء فعال لما يريد، يا سلمان! إياك أن يحول بوهمك شئ (2)، أنا عبد الله وخليفته، أمري أمره ونهيي نهيه وقدرتي قدرته وقوتي قوته) (3).
وفي الباب التاسع عشر وأربعمائة من الكتاب المذكور عن البرسي،