غطرفة (1) بن شمراخ أحد بني النجاح، قال: اظهر لنا رحمك الله في صورتك، قال سلمان: فظهر لنا شيخ أدن (2) أشعر قد لبس وجهه شعر غليظ متكاثف قد واراه وعيناه مشقوقتان طولا، وله في في صدره، فيه أنياب بادية طوال، وأظفار كمخالب السباع، فقال الشيخ: يا نبي الله! ابعث معي من يدعو قومي إلى الإسلام وأنا أرده إليك سالما، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
أيكم يقوم معه يبلغ الجن عني وله علي الجنة، فلم يقم معه أحد، فقال ثانية وثالثة، فقال علي (عليه السلام): أنا يا رسول الله، فالتفت النبي صلى الله عليه وآل وسلم إلى الشيخ فقال: وافني (4) إلى الحرة في هذه الليلة، ابعث معك رجلا يفصل حكمي وينطق بلساني ويبلغ الجن عني، قال: فغاب الشيخ فجاء في الليل (5) وهو على بعير كالشاة ومعه بعير كارتفاع الفرس فحمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليا عليه السلام عليه وحملني خلفه وعصب عيني وقال: لا تفتح عينيك حتى تسمع عليا يؤذن، ولا يروعك ما تسمع فإنك آمن، فثار البعير ثم دفع سائرا يدف كدفيف النعام، وعلي يتلو القرآن، فسرنا ليلتنا حتى إذا طلع الفجر أذن علي (عليه السلام) وأناخ البعير وقال: انزل يا سلمان، فحللت عيني ونزلت فإذا الأرض قوراء (6)، فأقام الصلاة وصلى بنا ولم أزل أسمع الحس، حتى إذا سلم علي التفت، فإذا خلق عظيم، فأقام علي (عليه السلام) يسبح ربه حتى طلعت الشمس، ثم قام خطيبا فخطبهم، فاعترضه مردة منهم، فأقبل علي (عليه السلام) عليهم فقال: أبا الحق تكذبون، وعن القرآن تصدفون، وبآيات الله تجحدون، ثم رفع طرفه إلى السماء فقال:
بالكلمة العظمى والأسماء الحسنى والعزائم الكبرى والحي القيوم، محيي الموتى ومميت الأحياء ورب الأرض والسماء، يا حرسة الجن ورصدة الشياطين