شيئا من هذه، وأنت توقر أبا الحسن عليا بما لا توقر أبا بكر، إن هذا كفر بالنعمة وجهل بالترتيب، فقال بلال: (ا) فيلزمني أن أوقر أبا بكر فوق توقيري لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قالوا: معاذ الله، قال: قد خالف قولكم هذا قولكم الأول، إن كان لا يجوز لي أن أفضل عليا عليه السلام على أبي بكر، لأن أبا بكر أعتقني، فكذلك لا يجوز لي أن أفضل رسول الله على أبي بكر، لأن أبا بكر أعتقني، قالوا: لا سواء إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أفضل خلق الله، قال بلال: ولا سواء أيضا أبو بكر وعلي، إن عليا نفس أفضل خلق الله فهو أيضا أفضل خلق الله بعد نبيه وأحب الخلق إلى الله تعالى، لأكله الطير مع رسول الله الذي دعا: اللهم ائتني بأحب الخلق إليك، وهو أشبه خلق الله برسول الله لما جعله أخاه في دين الله، وأبو بكر لا يلتمس (مني) ما تلتمسون، لأنه يعرف من فضل علي ما تجهلون، أي يعرف أن حق على (علي) أعظم من حقه، لأنه أنقذني من رق العذاب الذي إن دام علي وصبرت عليه لصرت إلى جنات عدن، وعلي أنقذني من رق عذاب الأبد، وأوجب لي بموالاتي له وتفضيلي إياه نعيم الأبد) (1).
وروى: (إنه امتنع من بيعة أبي بكر فأخذ عمر بتلابيبه وقال: هذا جزاء أبي بكر منك أن أعتقك، قال: إن كان أعتقني لله فليدعني لله وإن كان لغير ذلك فها أنا ذا، وأما بيعته فما كنت أبايع من لم يستخلفه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والذي استخلفه بيعته في أعناقهما إلى يوم القيمة، فقال عمر: لا أبا لك لا تقم معنا فارتحل إلى الشام) (2).
وروى: (أنه لم يؤذن لأحد بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا مرة واحدة في قدمة قدمها المدينة لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإن حي على خير العمل ترك يومئذ) (3).