وكيف لا، والمصطفى (قد) عده من أهل بيته العظيم الشأن وإنما وقع التنافس في سلمان (رضي الله عنه)، لأنه كان رجلا قويا يعمل عمل عشرة رجال في الخندق، (أي) فكان يحفر (في) كل يوم خمسة أذرع في عمق خمسة أذرع حتى أصيب بالعين، أصابه بالعين قيس بن صعصعة فلبط (به - أي بلام مضمومة فموحدة مكسورة فطاء مهملة -: صرع فجأة)، فتعطل عن العمل، فأخبر النبي صلى الله عليه وآله بذلك فقال: مر (و) ه فليتوضأ وليغتسل ويكفأ الإناء خلفه، ففعل فكأنما نشط، (أي حل) من عقال، وفي لفظ: فأمر أن يتوضأ قيس لسلمان ويجمع وضوئه في ظرف ويغتسل سلمان بتلك الغسالة، ويكفأ الإناء خلف ظهره) (1) أقول: أما حفر الخندق فهو كما قال في السيرة كان بإشارة سلمان، وفي تفسير علي بن إبراهيم: (إن رسول الله صلى الله عليه وآله استشار أصحابه وكانوا سبعمأة رجل، فقال سلمان (الفارسي): يا رسول الله! إن القليل لا يقاوم (الكثير) في المطاولة (2)، قال: فما نصنع؟ قال: نحفر خندقا يكون بينك وبينهم حجابا فيمكنك منهم المطاولة (3) ولا يمكنهم أن يأتونا من كل وجه، فإنا كنا معاشر العجم في بلاد فارس إذا دهمنا دهم من عدونا نحفر الخنادق فيكون الحرب من مواضع معروفة، فنزل جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: أشار (سلمان) بصواب) (4)، وفي شرح النهج في أحواله:
(وأول مشاهدة الخندق وهو الذي أشار بحفره، فقال أبو سفيان وأصحابه