جاءك رجل أفضل من زيد، كأنه لما كان حذف الخبر أكثر من حذف الوصف، والحال، كان حذف بعضه 1، أيضا، أكثر، وإنما لم يجتمع من الثلاثة المذكورة شيئان، لأن كل واحد منهما 2 يغني عن الآخر في إفادة ذكر المفضول، كما ذكرنا، ولا فائدة في ذكر واحد منهما إلا ذاك، فكان ذكر الآخر، لو ذكر أحدهما، لغوا، وأما قوله:
602 - ولست بالأكثر منهم حصى * وإنما العزة للكاثر 3 فقيل: من، فيه ليست تفضيلية، بل للتبعيض، أي: لست من بينهم بالأكثر حصى، وهذا كما تقول مثلا: أريد شخصا من قريش أفضل من عيسى عليه السلام فيقال: محمد عليه الصلاة والسلام الأفضل، من قريش، أي: أفضل من عيسى من بين قريش، ويجوز أن يحكم بزيادة اللام، و (من) تفضيلية، كما في قوله:
603 - ورثت مهلهلا والخير منه * زهيرا، نعم ذخر الذاخرينا 4 ويجوز في البيتين، على ما قيل، أن يقدر (أفعل) آخر، عاريا من اللام، يتعلق به (من) أي لست بالأكثر، أكثر منهم حصى، والخبر خيرا منه، ولا منع من اجتماع الإضافة و (من) التفضيلية إذا لم يكن المضاف إليه مفضلا عليه، كقولك: زيد أفضل البصرة من كل فاضل، فإضافته للبصرة للتوضيح، كما تقول: شاعر بغداد، لكنهم لم يستعملوه لأن هذه الإضافة دالة على أن صاحب أفعل، مفضل على غيره مطلقا، فأغني ذلك عن ذكر المفضل عليه، ولا يخلو المجرور بمن التفضيلية من مشاركة المفضل في المعنى إما تحقيقا، كما في: