فهما بمعنى (من) نحو: ما رأيته مذ يوم الجمعة، أي منه، ولا يتم لهم ذلك في نحو قولك: ما رأيته مذ يومين، إذا أردت جميع المدة، إذ لا معنى لقولك: ما رأيته من يومين، إلا أن يفسروه بمن أول يومين، بتقدير المضاف وهو (أول)، وإن كان الفعل حالا، نحو: ما أراه منذ شهرنا ومنذ اليوم، فهما بمعنى (في)، قال الأندلسي: وهذا تقريب، والا، فمذ يقتضي ابتداء الغاية ولا تقتضيه (في)، هذا تمام الكلام في تقرير المذاهب، وإليك الخيار في الاختيار 1، وإذا عطفت على المجرور بمذ ومنذ، أو المرفوع، جاز لك أن توافق بالمعطوف ما بعد (مذ) جرا ورفعا، وأن تنصبه بالعطف على نفس (مذ) على ما اخترناه، لأنه ظرف منصوب، ارتفع ما بعده أو انجر، إلا أن المعطوف إن وافق ما بعد (مذ) في كونه لأول المدة أو لمجموع المدة، فالعطف عليه أولى، وإن لم يوافق، فالعطف على (مذ) أولى، فمثال الموافقة في المجموع: ما رأيته مذ سنة ويوم، وفي أول المدة: ما رأيته مذ يوم الجمعة ويوم الخميس، أو مذ يوم الجمعة ويوم السبت، إذا لم يكن العدد مقصودا، بل المقصود مجرد الزمان المعين كما ذكرنا قبل، ومثال المخالفة: ما رأيته مذ يوم الجمعة وخمسة أيام، أو: مذ خمسة أيام ويوم الجمعة، لأن أحد الزمانين لأول المدة والآخر لمجموعها، قال البصريون بناء على مذهبهم، وهو أن الزمان مقدر قبل الجملة التي بعد (مذ):
يجوز الرفع والنصب والجر في المعطوف في نحو: مذ قام زيد ويوم الجمعة، أما الرفع والجر فعلى الزمان المقدر، والنصب على معنى: مذ قام زيد، لأن معناه: من زمان قيام زيد، أو على تقدير فعل آخر أي: وما رأيته يوم الجمعة، وعلى ما ذكرنا، لا يجوز الا العطف على (مذ) إذ لا زمان مقدر بعده،