على الفوت أو الوقوع في تلك الواقعة الشخصية مع تمكن المكلف من تحصيل العلم بحكم الواقعة أو من الاحتياط فيه ولو كانت تلك المصلحة تسهيل الأمر عليه، لئلا يشق عليه امتثال سائر الأوامر والنواهي المعلومتين له.
وأما بالنسبة إلى الحكم الظاهري فالموجود في نفسه هو الإرادة أو الرضا بالترك من جهة تلك المصلحة الموجبة لرخصة المكلف في مخالفة الواقع، فإذن لا منافاة بين الحكم الظاهري والواقعي بالنسبة إلى نفس الآمر لعدم المنافاة بين العلم بالمصلحة والمفسدة الواقعيتين وبين الرضا بالفعل في مورد الأولى أو بالترك في مورد الثانية.
وأخرى: بأنا لو سلمنا أن الموجود في نفسه بالنسبة إلى الحكم الواقعي ليس هو مجرد العلم بالمفسدة أو المصلحة نقول: إنه ليس بحيث يبلغ إلى حد الكراهة والإرادة الفعليتين، بل إنما هو مجرد حب أو بغض نفس (1) ذلك الشيء المشكوك حكمه عند المكلف، بمعنى أنه يحب أو يبغض وجود ذلك الشيء في الخارج، لكن المصلحة الخارجية دعته إلى الرضا فعلا - حال كون المكلف شاكا - بفوت محبوبه أو وجود مبغوضه، بل قد تدعوه إلى إرادة ترك الأول أو فعل الثاني فعلا في تلك الحال، وتلك الإرادة وإن كانت ملزومة للحب أو البغض أيضا، إلا أنهما متعلقان بصدور ذلك الشيء من المكلف حال الشك أو تركه منه في تلك الحال، وذلك الحب والبغض متعلقان بوجود ذلك الشيء في نفسه أو عدمه كذلك، مع قطع النظر عن ملاحظة المكلف، فلا منافاة بين ذينك وبين هذين، لانتفاء الوحدة - من جهة الإضافة - بينهما (2).