والرابع منها وإن كان هو مقتضى ظاهر الأمر عرفا، لما حققنا في محله من أنه ظاهر في مجرد الطلب الحتمي وأن التعيين والتخيير خارجان عن مدلوله يلحقانه باعتبار خصوصيات الموارد المقتضية لأحدهما، إلا أنه يبعد إرادته من الأوامر الواردة في تلك الأدلة، إذ لو كانت هي ظاهرة فيه لما يبقى تحير لأحد في حكم صورة التعارض، فلم يكن داع لتلك الأسئلة في الأخبار العلاجية، ولا لورود كثير منها مع عدم سبق سؤال - أيضا - فذلك يكشف عن اكتفاف تلك الأوامر بما أوجب صرفها عنه إلى ما لا يغني عن بيان صورة التعارض، فلا يكاد يمكن حملها عليه.
فظهر أن الأوفق بتلك الأدلة أحد الوجهين الآخرين، وهما الأول والثالث، لعدم منافاتهما لما ذكر.
إلا أنه قد يستشكل في صحة الوجه الأول في نفسه بأن إيراد الحكم إذا كان إباحة ورخصة على ذات الشيء من حيث هو وإن كان جائزا، بل واقعا أيضا، لكنه يشكل فيما إذا كان من مقولة الطلب - كما هو المفروض في تلك الأدلة - فإنه لا يكاد يمكن بقائه فيما إذا اقترن ذلك الشيء بمانع من امتثاله، لكونه لغوا حينئذ، فلا يكون ثابتا لذات الشيء من حيث هو، فإن الثابت له كذلك لا بد من ثبوته له في جميع حالاته كما مر، فإن الذات متحققة في جميع حالاته اللاحقة له والحكم المعلق على موضوع يدور مدار ذلك الموضوع.
لكنه مدفوع بعدم الفرق بينه وبين الإباحة من تلك الجهة، لجريان شبهة اللغوية فيها - أيضا - بعينها، إذ يقال فيها - أيضا - أنها لا يعقل بقائها فيما إذا اقترن الشيء بجهة محرمة فيلغى إلى آخر ما ذكر من التقريب.
والذي يقوي في النظر أن ذلك الحكم لا يمكن فعليته (1) في صورة وجود