وثانيها: أن يكون المستعمل فيه اللفظ هو خصوص الوجوب التعييني - أيضا - لكن مع ملاحظة تقييده بغير صورة التزاحم والتعارض، فيكون حاله حال سائر التقييدات اللفظية من حيث رجوع التقييد إلى تقييد المصلحة المقتضية للحكم، هذا بخلاف الوجه الأول، فإن التقييد بناء عليه إنما هو من جانب العقل، وهو راجع إلى تقييد فعلية تأثير تلك المصلحة مع ثبوت أصلها مطلقا، لا إلى تقييد نفسها، ولازمه عدم ثبوت وجوب العمل للطريقين مطلقا، لا تخييرا، ولا تعيينا، على كل من وجهي اعتبارهما من السببية، أو الطريقية أما الوجوب التعييني فواضح.
وأما التخييري، فلأنه لا مقتضي حينئذ حتى يترتب عليه مقتضاه على حسب الإمكان، فيقال - بناء على اعتبارهما من باب السببية - إن الممتنع إنما هو تأثيره في عينية الوجوب، دون أصله باعتبار تحققه في ضمن التخييري، - وبناء على اعتبارها من باب الطريقية - إن الممتنع إنما هو حجية أحدهما الغير المعلوم الكذب في مؤداه المطابقي، لما مر غير مرة، وأما حجيته بالنسبة إلى مدلوله الالتزامي - وهو نفي الثالث - فممكن، فيكون حجة عليه لوجود المقتضي بالنسبة إليه وعدم المانع منه.
فعلى هذا، فاللازم في صورة التعارض - بناء على اعتبارهما من باب الطريقية - فرض المسألة التي تعارضا فيها كالمسألة الخالية عن النص رأسا والعمل على مقتضى الأصول العملية المقررة لتلك الصورة.
وبناء على اعتبارهما من باب السببية فلا يفرض شك في جواز عدم العمل بواحد منهما، لفرض تقييده دليل اعتبارهما بغير تلك الصورة ويرجع في الشك في المسألة المتفرعة عليهما إلى تلك الأصول المقررة لصورة فقد النص.
وثالثها: أن يكون المستعمل فيه اللفظ هو خصوص الوجوب التعييني مع إرادة شموله لصورة التزاحم والتعارض، لكن من باب التوطئة لإفادة حكم