فذلك منع من التمسك وحجيته فعلا في إثبات مؤداه المطابقي. وأما بالنسبة إلى مؤداه الالتزامي الخالي عن المانع، فلا فرق بينهما بوجه.
فيقتصر في رفع اليد عنه على مقدار ما يمنعه المانع - لما مر - من أنه بعد ثبوت المقتضي فلا بد من ترتيب مقتضاه عليه حسبما أمكن.
وقد مر أنه لا مانع من ترتيب نقيض مقتضاه عليه حينئذ، وهو نفي الثالث - بناء على اعتبار الأخبار من باب الطريقية - والعمل بأحدهما مخيرا - بناء على اعتبارها على وجه السببية - وكذلك الحال في سائر الواجبات النفسية المتزاحمة.
وبالجملة إذا كان الحكم معلقا على ذات الشيء من حيث هو، فتعليقه عليه على هذا الوجه يكشف عن ثبوت المقتضي له فيه مطلقا في جميع حالاته، ولازمه ترتيب ذلك الحكم أمرا كان، أو نهيا عليه إذا لم تزاحمه جهة أخرى خارجية مساوية له، أو غالبة عليه، وعلى تقدير التزاحم يقتصر على مقداره.
ثم إن ذلك الشيء إذا عرضته جهة أخرى مؤكدة لما فيه من مقتضي ذلك الحكم بأن اتحد مع عنوان آخر مشتمل على الجهة المقتضية للحكم الذي تقتضيه جهة ذات ذلك الشيء فلازمه ثبوت مرتبة متأكدة من ذلك الحكم له حينئذ، فإن كل علتين مشتركتين في معلول إذا وردتا على مورد دفعة فلا يعقل أن يؤثر كل منهما أثرا ممتازا عن أثر الآخر، بل يؤثر كل منهما حينئذ ذلك المقدار الذي كانت تؤثر فيه، فيتداخل أثرهما ويكون الحاصل من كليهما مرتبة بمقدار مجموع المقدارين، كما في صورة ورود علتين للسواد، أو الحمرة على مورد دفعة.
والحاصل أنه يؤثر كل منهما حينئذ أثره، لكن وحدة المورد مانعة من امتياز أثر كل منهما عن أثر الآخر، نظرا إلى امتناع اجتماع المثلين كاجتماع الضدين في مورد واحد، ولأجل كون كل منهما مؤثرة ترى أنه تتعدد آثارهما حينئذ، كتعدد العقاب على الفعل إذا كان الحكم الحرمة، أو على الترك إذا كان هو الوجوب.