صار إليه، ولبداهة ثبوت استحقاق العقاب في المستقلات العقلية أيضا.
ثم إنه قد أورد ثالث على هذا المجيب: بأن الاستدلال بالآية في المقام على أصالة البراءة يناقض رد ذلك المستدل، فإن المطلوب في مسألة البراءة إنما هو إثبات نفي استحقاق العقاب على ارتكاب المشتبه، لا نفي فعليته ولو بطريق العفو، فحينئذ إن لم تقتض الآية أزيد من نفي الفعلية الأعم من نفي الاستحقاق فلا وجه للاستدلال بها على أصالة البراءة، وإن اقتضت نفي الاستحقاق فلا وجه لرد ذلك المستدل، فإن نفي الاستحقاق ملازم لعدم الحكم الشرعي.
هذا، لكن الإنصاف اندفاعه بما ذكره - قدس سره - بقوله: (ويمكن دفعه: بأن عدم الفعلية... إلخ) (1).
وحاصله: أن الإجماع قائم على الملازمة بين نفي فعلية العذاب وبين نفي استحقاقه على ارتكاب الشبهات مما لا يستقل بها العقل التي هي المتنازع فيها في مسألة البراءة، فإن القائلين بالاحتياط فيها مسلمون بعدم الاستحقاق على تقدير عدم الفعلية، فحينئذ يكفي للمستدل على عدم الاستحقاق دلالة الآية على عدم الفعلية، فإنه بضميمة الإجماع المركب المذكور يتم مطلوبه.
وأما في المستقلات العقلية فلم [يقم] فيها إجماع على الملازمة بين نفي فعلية العذاب وبين نفي الاستحقاق الملازم لنفي الحكم الشرعي، بل يحتمل فيها التفكيك، فلا يلزم فيها من إثبات نفي الفعلية نفي الحكم، فيكون الرد في محله.
وبالجملة: الكلام فيما نحن فيه مع من يسلم الملازمة المذكورة، فيكفي في رده إثبات نفي الفعلية، وهناك مع من لا يسلمها فيه، فلا يكفي في رده ذلك، والمراد بفعلية العذاب إنما هو عدم العفو المحتمل، لا الوقوع كيف كان، فإن