اجتناب الشبهة مع الاجتناب عن الحرام المعلوم في كونه ورعا بمعنى أنه علة جعله قرينا له في كونه ورعا، وقال: وكما أن الثاني ورع، فكذلك الأول، فيكون حال الشبهة في الأمر بالاجتناب عنها حال الأمر باجتناب الحرام المعلوم، فإن كان الأمر بالثاني، إرشاديا يكون الأمر بالأول - أيضا - كذلك، ومن المعلوم أن الأمر باجتناب المحرمات المعلومة ليس إلا للإرشاد، كما أشار إليه - قدس سره - بقوله: (ومن المعلوم... إلخ) (1)، والمشار إليه بقوله - قدس سره - (في تلك الأخبار) هي الأخبار الآمرة بالاجتناب عن الحرام المعلوم.
قوله - قدس سره -: (من حيث إنه إطاعة حكمية.). (2) قال - دام ظله -: ترتب الثواب يتوقف على أن يكون الانقياد حسنا في نفسه وممدوحا كذلك، بحيث لا يرجع المدح فيه إلى المدح الفاعلي، وإلا فلا يكون فعله سببا للثواب، ولو التزم بحسنه الذاتي، بأن يقال: إن العمل إذا أتي به بعنوان إحراز مطلوب المولى يكون العمل في نفسه حسنا، كما هو ليس ببعيد كل البعد، فلا بد من القول: بأن الذم في التجري - أيضا - فعلي، لا فاعلي، فيكون حراما ذاتا.
أقول: لا يتوهم قضية ذلك - أي مقايسة التجري بالانقياد - هو أن يكون التجري مكروها.
لأنا نقول: إذا تحقق أن الذم في التجري على نفس الفعل المتجري به فيكشف عن حرمته شرعا، لأن كل مذموم عقلا حرام شرعا من غير فرق بين مراتب الذم، والمكروهات لا ذم فيها أصلا، هذا بخلاف المندوبات، فإنها ممدوحة بأقل درجة المدح.