ابن أرقم لا ينجم عن نكته بالقضيب، قال له: أعل بهذا القضيب عن هاتين الثنيتين، فوالذي لا إله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله (صلى الله عليه وآله) على هاتين الشفتين يقبلهما، ثم انفضخ الشيخ يبكي؛ فقال له ابن زياد: أبكى الله عينيك! فوالله لو لا أنك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك؛ قال: فنهض فخرج، فلما خرج سمعت الناس يقولون: والله لقد قال زيد بن أرقم قولا لو سمعه ابن زياد لقتله؛ قال: فقلت: ما قال؟ قالوا: مر بنا وهو يقول: ملك عبد عبدا، فاتخذهم تلدا؛ أنتم يا معشر العرب العبيد بعد اليوم، قتلتم ابن فاطمة، وأمرتم ابن مرجانة، فهو يقتل خياركم، ويستعبد شراركم، فرضيتم بالذل فبعدا لمن رضى بالذل (1).
[418] - 59 - قال الخوارزمي:
ثم جاؤوا بهم حتى دخلوا على عبيد الله بن زياد، فنظرت إليه زينب بنت علي (عليهما السلام) وجلست ناحية، فقال ابن زياد: من الجالسة؟ فلم تكلمه. فقال ثانيا، فلم تكلمه. فقال رجل من أصحابه: هذه زينب بنت علي بن أبي طالب، فقال ابن زياد:
الحمد لله الذي فضحكم وكذب أحدوثتكم، فقالت زينب: الحمد لله الذي أكرمنا بنبيه محمد (صلى الله عليه وآله) وطهرنا بكتابه تطهيرا، وإنما يفتضح الفاسق، ويكذب الفاجر. فقال بن زياد: كيف رأيت صنع الله بأخيك وأهل بيتك؟ فقالت زينب: ما رأيت إلا جميلا، هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل، فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم يا ابن زياد فتحاجون وتخاصمون، فانظر لمن الفلج يومئذ، هبلتك أمك يا بن مرجانة! فغضب ابن زياد وكأنه هم بها، فقال له عمرو بن حريث المخزومي: إنها امرأة، والمرأة لا تؤاخذ بشيء من منطقها. فقال ابن زياد: يا زينب لقد شفى الله قلبي من طاغيتك الحسين والعصاة المردة من أهل بيتك. فقالت زينب: لعمري لقد