بالنسوة من كربلاء، وكان مريضا، وإذا نساء أهل الكوفة ينتدبن مشققات الجيوب والرجال معهن يبكون.
فقال زين العابدين (عليه السلام) - بصوت ضئيل وقد نهكته العلة -: إن هؤلاء يبكون علينا فمن قتلنا غيرهم؟ فأومت زينب بنت علي بن أبي طالب (عليهم السلام) إلى الناس بالسكوت (1).
[404] - 45 - قال الخوارزمي:
وقال بشير بن حذيم الأسدي: نظرت إلى زينب بنت علي يومئذ - ولم أر خفرة قط أنطق منها كأنما تنطق عن لسان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهما السلام) وتفرغ عنه - أومأت إلى الناس أن اسكتوا! فارتدت الأنفاس؛ وسكنت الأجراس، فقالت:
الحمد لله والصلوة على أبي محمد رسول الله، وعلى آله الطيبين الأخيار آل الله.
وبعد يا أهل الكوفة! ويا أهل الختل والخذل، والغدر! أتبكون؟ فلا رقأت الدمعة، ولا هدأت الرنة، إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا.
أتتخذون أيمانكم دخلا بينكم؟ ألا وهل فيكم إلا الصلف، والطنف، والشنف، والنطف وملق الإماء، وغمز الأعداء، أو كمرعى على دمنة، أو كقصة [كفضة] على ملحودة! ألا ساء ما قدمت لكم أنفسكم، أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون أتبكون وتنتحبون؟ إي والله فابكوا كثيرا واضحكوا قليلا، فلقد ذهبتم بعارها وشنارها، ولن ترحضوها بغسل بعدها أبدا، وأنى ترحضون قتل سليل خاتم الأنبياء وسيد شباب أهل الجنة، وملاذ خيرتكم ومفزع نازلتكم، ومنار حجتكم ومدرة سنتكم ألا ساء ما تزرون، وبعدا لكم وسحقا فلقد خاب السعي وتبت الأيدي، وخسرت الصفقة وبؤتم بغضب من الله، وضربت عليكم الذلة والمسكنة، ويلكم يا أهل الكوفة أتدرون أي كبد لرسول الله فريتم؟ وأي دم له سفكتم؟ وأي