فأخذ قضيبا فجعل يفتر به عن شفتيه وعن أسنانه، فلم أر ثغرا قط كان أحسن منه كأنه الدر، فلم أتمالك أن رفعت صوتي بالبكاء فقال: ما يبكيك أيها الشيخ؟ قال [قلت]: يبكيني ما رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) [يقبل] بعض موضع هذا القضيب ويلثمه ويقول: اللهم إني أحبه (1).
[416] - 57 - قال ابن نما:
وعن سعد بن معاذ وعمر بن سهل أنهما حضرا عبيد الله يضرب بقضيبه أنف الحسين وعينيه، ويطعن في فمه، فقال له زيد بن أرقم: أرفع قضيبك إني رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) واضعا شفتيه على موضع قضيبك، ثم انتحب باكيا فقال له:
أبكى الله عينيك يا عدو الله لو لا أنك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك.
فقال زيد لأحدثنك حديثا هو أغلظ عليك من هذا، رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) أقعد حسنا على فخذه اليمنى وحسينا على فخذه اليسرى، فوضع يده على يافوخ كل واحد منهما وقال: إني أستودعك [إياهما] وصالح المؤمنين. فكيف كانت وديعتك لرسول الله (صلى الله عليه وآله) (2).
[417] - 58 - قال الطبري:
قال أبو مخنف: حدثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم، قال: دعاني عمر بن سعد فسرحني إلى أهله لأبشرهم بفتح الله عليه وبعافيته، فأقبلت حتى أتيت أهله، فأعلمتهم ذلك، ثم أقبلت حتى أدخل فأجد ابن زياد قد جلس للناس، واجد الوفد قد قدموا عليه؛ فأدخلهم، وأذن للناس، فدخلت فيمن دخل، فإذا رأس الحسين موضوع بين يديه، وإذا هو ينكت بقضيب بين ثنيتيه ساعة، فلما رآه زيد