هذه الأمة من حقنا، فقلت: والله ما أريد بذلك إلا الله ورسوله، ولا أحفل بسخط من سخط ولا يكبر في صدري مكروه ينالني بسببه، فقال: والله إن ذلك لكذلك؟
فقلت: والله إن ذلك لكذلك - يقولها ثلاثا وأقولها ثلاثا - فقال: أبشر ثم أبشر ثم أبشر فلأخبرنك بخبر كان عندي في النخب المخزون.
فإنه لما أصابنا بالطف ما أصابنا وقتل أبي (عليه السلام) وقتل من كان معه من ولده وإخوته وسائر أهله، وحملت حرمه ونساؤه على الأقتاب يراد بنا الكوفة، فجعلت أنظر إليهم صرعى ولم يواروا، فعظم ذلك في صدري واشتد لما أرى منهم قلقى، فكادت نفسي تخرج، وتبينت ذلك مني عمتي زينب الكبرى بنت علي (عليهما السلام)، فقالت: ما لي أراك تجود بنفسك يا بقية جدي وأبي وإخوتي؟ فقلت: وكيف لا أجزع وأهلع وقد أرى سيدي وإخوتي وعمومتي وولد عمي وأهلي مضرجين بدمائهم، مرملين بالعرى، مسلبين، لا يكفنون ولا يوارون، ولا يعرج عليهم أحد، ولا يقربهم بشر، كأنهم أهل بيت من الديلم والخزر، فقالت: لا يجزعنك ما ترى فوالله إن ذلك لعهد من رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى جدك وأبيك وعمك، ولقد أخذ الله ميثاق أناس من هذه الأمة لا تعرفهم فراعنة هذه الأمة، وهم معروفون في أهل السماوات إنهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرقة فيوارونها، وهذه الجسوم المضرجة وينصبون لهذا الطف علما لقبر أبيك سيد الشهداء، لا يدرس أثره ولا يعفو رسمه على كرور الليالي والأيام، وليجتهدن أئمة الكفر وأشياع الضلالة في محوه وتطميسه، فلا يزداد أثره إلا ظهورا، وأمره إلا علوا.
فقلت: وما هذا العهد وما هذا الخبر، فقالت: نعم حدثتني أم أيمن أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) زار منزل فاطمة (عليها السلام) في يوم من الأيام، فعملت له حريرة وأتاه علي (عليه السلام) بطبق فيه تمر، ثم قالت أم أيمن: فأتيتهم بعس فيه لبن وزبد، فأكل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) من تلك الحريرة وشرب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وشربوا من ذلك اللبن، ثم أكل وأكلوا من ذلك التمر والزبد، ثم غسل رسول الله (صلى الله عليه وآله)