نبي الله المصطفى والله لا يكون محمد (صلى الله عليه وآله) خصمي في القيامة، ثم عدا فرمى السيف من يده ناحية وطرح نفسه في الفرات وعبر إلى الجانب الآخر، فصاح به مولاه: يا غلام عصيتني، فقال: يا مولاي إنما أطعتك ما دمت لا تعصي الله فإذا عصيت الله فأنا منك بريء في الدنيا والآخرة.
فدعا ابنه فقال: يا بني إنما أجمع الدنيا حلالها وحرامها لك والدنيا محرص عليها فخذ هذين الغلامين إليك، فانطلق بهما إلى شاطىء الفرات فاضرب أعناقهما وائتني برؤوسهما لأنطلق بهما إلى عبيد الله بن زياد وآخذ جائزة ألفي درهم، فأخذ الغلام السيف ومشى أمام الغلامين فما مضى (فما مضيا) إلا غير بعيد، حتى قال أحد الغلامين: يا شاب ما أخوفني على شبابك هذا من نار جهنم، فقال: يا حبيبي فمن أنتما؟ قال: من عترة نبيك محمد (صلى الله عليه وآله) يريد والدك قتلنا، فانكب الغلام على أقدامهما يقبلهما ويقول لهما مقالة الأسود ورمى السيف ناحية وطرح نفسه في الفرات وعبر فصاح به أبوه: يا بني عصيتني، قال لأن أطيع الله وأعصيك أحب إلي من أن أعصي الله وأطيعك.
قال الشيخ: لا يلي قتلكما أحد غيري وأخذ السيف ومشى أمامهما فلما صار إلى شاطىء الفرات سل السيف من جفنه فلما نظر الغلامان إلى السيف مسلولا أغرورقت أعينهما وقالا له: يا شيخ انطلق بنا إلى السوق واستمتع بأثماننا ولا ترد أن يكون محمد خصمك في القيامة غدا، فقال: لا ولكن أقتلكما وأذهب برأسكما إلى عبيد الله بن زياد وآخذ جائزة ألفين، فقالا له: يا شيخ أما تحفظ قرابتنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فقال: ما لكما من رسول الله قرابة، قالا له: يا شيخ فائت بنا إلى عبيد الله بن زياد حتى يحكم فينا بأمره، قال: ما بي إلى ذلك سبيل إلا التقرب إليه بدمكما، قالا له: يا شيخ أما ترحم صغر سننا؟ قال: ما جعل الله لكما في قلبي من الرحمة شيئا، قالا: يا شيخ إن كان ولابد فدعنا نصلي ركعات، قال: فصليا ما شئتما