6 - وقال ابن الوردي: وفي سنة ثلاث ومائتين مات علي الرضا (عليه السلام) فجأة بطوس، وصلى عليه المأمون، ودفنه عند الرشيد (1).
وهكذا تنطلي على المؤرخين لعبة المأمون، فأخذوا يكررون قول الطبري، بأن الإمام (عليه السلام) أكل عنبا وأكثر منه فمات فجأة، وإلى الحد الذي يضعف بعضهم القول الآخر الذي ذكروه وهو أنه مات (عليه السلام) مسموما، وما ندري هل في العنب مادة لا نعرفها تقتل الإنسان إذا أكثر منه؟!
بل هل ذهب عن هؤلاء أن الإمام (عليه السلام) وآباءه يهتدون بهدي جدهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الاقتصاد بالمطعم والمشرب، بل وفي كل سننه ومكارم أخلاقه وسيرته المباركة، وهم في هذا وغيره قدوة للعالمين، وأسوة للمسلمين، مثلهم الرائع في مجال الطعام والشراب: " نحن أهل بيت لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع ".
وقد تقدم في سيرة الرضا (عليه السلام) ومكارم أخلاقه أنه (عليه السلام) كان على حد كبير من الاقتصاد في المطعم والمشرب، وتقدم أيضا في ذكر مسيره (عليه السلام) إلى سناباد الحديث المروي عن عبد السلام بن صالح الهروي، أنه قال: لما دخل الرضا (عليه السلام) سناباد استند إلى الجبل الذي تنحت منه القدور، فقال: اللهم انفع به، وبارك فيما يجعل فيه، وفيما ينحت منه، ثم أمر (عليه السلام) فنحت له قدور من الجبل، وقال:
لا يطبخ ما آكله إلا فيها، وكان خفيف الأكل قليل المطعم، فاهتدى الناس إليه من ذلك اليوم، وظهرت بركة دعائه (عليه السلام) فيه (2).