ذو الرئاستين إلى المأمون، وقال له: يا أمير المؤمنين، ما هذا الرأي الذي أمرت به؟
فقال: أمرني سيدي أبو الحسن بذلك، وهو الصواب.
فقال: يا أمير المؤمنين، ما هذا بصواب، قتلت بالأمس أخاك، وأزلت الخلافة عنه، وبنو أبيك معادون لك، وجميع أهل العراق، وأهل بيتك، ثم أحدثت هذا الحدث الثاني أنك جعلت ولاية العهد لأبي الحسن، وأخرجتها من بني أبيك، والعامة والفقهاء والعلماء وآل عباس لا يرضون بذلك، وقلوبهم متنافرة عنك، والرأي أن تقيم بخراسان حتى تسكن قلوب الناس على هذا، ويتناسوا ما كان من أمر محمد أخيك، وها هنا - يا أمير المؤمنين - مشايخ قد خدموا الرشيد، وعرفوا الأمر، فاستشرهم في ذلك، فإن أشاروا به فأمضه.
فقال المأمون: مثل من؟
قال: مثل علي بن أبي عمران، وابن مؤنس، والجلودي. وهؤلاء هم الذين نقموا بيعة أبي الحسن (عليه السلام)، ولم يرضوا به، فحبسهم المأمون.
فلما كان من الغد جاء أبو الحسن (عليه السلام) فدخل على المأمون، فقال: يا أمير المؤمنين، ما صنعت؟ فحكى له ما قاله ذو الرياستين، ودعا المأمون بهؤلاء النفر، فأخرجهم من الحبس، وأول من أدخل عليه علي بن أبي عمران، فنظر إلى الرضا (عليه السلام) بجنب المأمون، فقال: أعيذك بالله - يا أمير المؤمنين - أن تخرج هذا الأمر الذي جعله الله لكم وخصكم به، وتجعله في أيدي أعدائكم، ومن كان آباؤك يقتلونهم ويشردونهم في البلاد.
فقال المأمون له: يا ابن الزانية، وأنت بعد على هذا! قدمه يا حرسي فاضرب عنقه، فضربت عنقه.
وأدخل ابن مؤنس، فلما نظر إلى الرضا (عليه السلام) بجنب المأمون، قال: يا أمير