المأمون جيشا كبيرا بقيادة علي بن سعيد، وبعد معارك ضارية بين الطرفين طلب زيد بن موسى الأمان، فأعطاه القائد العباسي ما أراد، وأخذه أسيرا، فأرسله إلى الحسن بن سهل، فأمر بضرب عنقه، وكان قد حضر مجلسه الحجاج بن خيثمة، فقال له: أيها الأمير، إن رأيت أن لا تعجل عليه، فإن عندي نصيحة لك، فأمر السياف الذي كان قد استعد ليضرب عنقه بالتوقف، وقال للحجاج: ما هي نصيحتك؟ قال: أيها الأمير، هل أتاك بما تريد أن تفعله أمر من أمير المؤمنين؟
قال: لا.
قال: فعلام تقتل ابن عم أمير المؤمنين من غير أمره، وقبل أن تستطلع رأيه، ثم حدثه بما كان من أمر أبي عبد الله بن الأفطس، وقد حبسه الرشيد عند جعفر بن يحيى فقتله جعفر بن يحيى، وبعث برأسه إلى الرشيد في طبق مع هدايا النيروز، فحقد عليه الرشيد، ولما غضب على البرامكة وأمر مسرورا بقتل جعفر بن يحيى، قال له:
إذا سألك جعفر عن ذنبه، فقل له: إنه يقتلك بابن عمه ابن الأفطس الذي قتلته من غير أمره.
ثم قال الحجاج بن خيثمة للحسن بن سهل: أفتأمن أيها الأمير حادثة تحدث بينك وبين أمير المؤمنين، وقد قتلت هذا الرجل فيقتلك به، ويحتج عليك بمثل ما احتج به الرشيد على جعفر بن يحيى.
فقال الحسن للحجاج: جزاك الله خيرا، ثم أمر بترك زيد وإرجاعه إلى الحبس، فلم يزل محبوسا في بغداد حتى كانت ولاية العهد للإمام الرضا (عليه السلام)، فأرسله الحسن إلى المأمون في خراسان، فلما أدخل على المأمون قال له: يا زيد، خرجت بالبصرة، وتركت أن تبدأ بدور أعدائنا من بني أمية وثقيف وعدي وباهلة وآل زياد، قصدت دور بني عمك وأحرقتها!