وليا لعهده هو تشيعه لأهل البيت، فقد قيل: إن المأمون كان متشيعا لأمير المؤمنين علي (عليه السلام)، مجاهرا بذلك، محتجا عليه، مكرما لآل أبي طالب، متجاوزا عنهم، على عكس أبيه الرشيد، واستدلوا على تشيعه بأمور كثيرة، نذكر هنا جملة منها:
1 - احتجاجه على العلماء في تفضيل علي (عليه السلام) بالحجج البالغة كما رواه ابن عبد ربه في (العقد الفريد)، ورواه الصدوق في (العيون).
2 - جعله الرضا (عليه السلام) ولي عهده، وتزويجه ابنته، وإحسانه إلى العلويين.
3 - تزويجه الجواد ابنته وإكرامه وإجلاله.
4 - قوله: أتدرون من علمني التشيع، وحكايته خبر الكاظم (عليه السلام) مع الرشيد.
وقد ذكرنا خلال حديثنا عن سيرة الإمام أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) الرواية التي جاء فيها: إن المأمون كان يقول: لقد علمني التشيع أبي هارون الرشيد، ووصفه لدخول الإمام الكاظم (عليه السلام) على الرشيد وحفاوته البالغة به، وإكرامه له بشكل لم يسبق من الرشيد أن أكرم أحدا بمثله.
وجاء في الرواية أنه لما انصرف الإمام وخلا المجلس، قال المأمون لأبيه:
يا أمير المؤمنين، من هذا الرجل الذي عظمته وأجللته، وقمت من مجلسك إليه فاستقبلته، وأقعدته في صدر المجلس، وجلست بين يديه، وأمرتنا بأخذ الركاب له؟
قال: هذا إمام الناس، وحجة الله على خلقه وخليفته على عباده.
فقلت: يا أمير المؤمنين، أليست هذه الصفات كلها لك وفيك؟ فقال: أنا إمام الجماعة في الظاهر بالغلبة والقهر، وموسى بن جعفر إمام حق، والله يا بني إنه لأحق بمقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) مني ومن الخلق أجمعين.