على غير ذلك فأنت علام الغيوب، فاجزني به ما أنا أهله، إن كان شرا فشرا، وإن كان خيرا فخيرا، اللهم أصلحهم وأصلح لهم واخسأ عنا وعنهم شر الشيطان، وأعنهم على طاعتك، ووفقهم لرشدك، أما أنا يا أخي فحريص على مسرتكم، جاهد في صلاحكم، والله على ما نقول وكيل.
فقال العباس: ما أعرفني بلسانك! وليس لمسحاتك عندي طين؛ فافترق القوم على هذا (1).
وهكذا يحافظ الإمام (عليه السلام) على اتزانه وحلمه ورفقه مع إخوته، رغم أن أخاه العباس قد تعدى طور اللياقة في مواجهته لأخيه وفي تجنيه على أبيه الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) باتهامه له بالحسد والحيف عليهم، وبقي الإمام الرضا (عليه السلام) ملتزما بموقفه الحليم الهادئ والمتسامح أمام التعدي غير المقبول، فلم تستفزه حماقة أخيه، ولم تخرجه عن حد التوازن، ولم ينفرد الإمام الرضا (عليه السلام) بهذا الموقف، بل هو منطلق آبائه (عليهم السلام) في الحلم والتسامح عندما يواجهون التحديات من قبل الآخرين.
3 - وروى العياشي عن صفوان، قال: استأذنت لمحمد بن خالد على الرضا (عليه السلام)، وأخبرته أنه ليس يقول بهذا القول، وأنه قال: والله لا أريد بلقائه إلا لأنتهي إلى قوله. فقال: أدخله. فدخل فقال له: جعلت فداك، إنه كان فرط مني شيء، وأسرفت على نفسي، وكان فيما يزعمون أنه كان يعيبه، فقال: وأنا أستغفر الله