إصرهم والأغلال التي كانت عليهم، يهدي إلى الطريق الأقصد، والمنهاج الأعدل، والصراط الأقوم.
سألتك - يا جاثليق - بحق عيسى روح الله وكلمته، هل تجدون هذه الصفة في الإنجيل لهذا النبي؟ فأطرق الجاثليق مليا، وعلم أنه إن جحد الإنجيل كفر، فقال:
نعم، هذه الصفة في الإنجيل، وقد ذكر عيسى في الإنجيل هذا النبي، ولم يصح عند النصارى أنه صاحبكم.
فقال الرضا (عليه السلام): أما إذا لم تكفر بجحود الإنجيل، وأقررت بما فيه من صفة محمد (صلى الله عليه وآله) فخذ علي في السفر الثاني، فإني أوجدك ذكره وذكر وصيه، وذكر ابنته فاطمة وذكر الحسن والحسين (عليهم السلام).
فلما سمع الجاثليق ورأس الجالوت ذلك، علما أن الرضا (عليه السلام) عالم بالتوراة والإنجيل، فقالا: والله قد أتى بما لا يمكننا رده ولا دفعه إلا بجحود التوراة والإنجيل والزبور، ولقد بشر به موسى وعيسى (عليهما السلام) جميعا، ولكن لم يتقرر عندنا بالصحة أنه محمد هذا، فأما اسمه محمد فلا يجوز لنا أن نقر لكم بنبوته، ونحن شاكون أنه محمدكم أو غيره.
فقال الرضا (عليه السلام): احتججتم بالشك، فهل بعث الله قبل أو بعد من ولد آدم إلى يومنا هذا نبيا اسمه محمد، أو تجدونه في شيء من الكتب التي أنزلها الله على جميع الأنبياء (عليهم السلام) غير محمد (صلى الله عليه وآله)؟ فأحجموا عن جوابه، وقالوا: لا يجوز لنا أن نقر لكم بأن محمدا هو محمدكم، لأنا إن أقررنا لك بمحمد ووصيه وابنته وابنيها على ما ذكرتم، أدخلتمونا في الإسلام كرها.
فقال الرضا (عليه السلام): أنت يا جاثليق، آمن في ذمة الله وذمة رسوله، أنه لا يبدؤك منا شيء تكره مما تخافه وتحذره.