قال الشيخ الصدوق (رحمه الله): كان المأمون يجلب على الرضا (عليه السلام) من متكلمي الفرق وأهل الأهواء المضلة كل من سمع به، حرصا على انقطاع الرضا (عليه السلام) عن الحجة مع واحد منهم، وذلك حسدا منه له ولمنزلته من العلم، فكان لا يكلمه أحد إلا أقر له بالفضل والتزم الحجة له عليه، لأن الله تعالى ذكره يأبى إلا أن يعلي كلمته ويتم نوره، وينصر حجته، وهكذا وعد تبارك وتعالى في كتابه المجيد فقال: ﴿إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا﴾ (1) يعني بالذين آمنوا الأئمة الهداة (عليهم السلام) وأتباعهم العارفين والآخذين عنهم، ينصرهم بالحجة على مخالفيهم ما داموا في الدنيا، وكذلك يفعل بهم في الآخرة، وإن الله عز وجل لا يخلف وعده (2).
وروي عن محمد بن يحيى الصولي أنه قال: كان المأمون في باطنه يحب سقطات الرضا (عليه السلام) وأن يعلوه المحتج، وإن أظهر غير ذلك (3).
ولم يتحقق شيء مما أراد المأمون، فقد كان الإمام (عليه السلام) قبسا للهداية، ونورا يستضاء بهديه، تأثر بعلمه واهتدى به الكثيرون بعد أن أفحمهم بقوة حجته، وحضور بديهته، وسرعة إجابته، وطلاقة بيانه.
قال أبو الصلت الهروي: لما جمع المأمون لعلي بن موسى الرضا (عليه السلام) أهل المقالات من أهل الإسلام والديانات من اليهود والنصارى والمجوس وسائر أهل المقالات، فلم يقم أحد إلا وقد ألزمه حجته، كأنه ألقم حجرا (4)... الحديث.