وعن الفضل بن العباس، عن أبي الصلت الهروي أيضا، قال: ما رأيت أعلم من علي بن موسى الرضا (عليه السلام) ولا رآه عالم إلا شهد له بمثل شهادته، ولقد جمع المأمون في مجالس له ذوات عدد من علماء الأديان وفقهاء الشريعة والمتكلمين، فغلبهم عن آخرهم، حتى ما بقي أحد منهم إلا أقر له بالفضل، وأقر على نفسه بالقصور (1).
وخرج الإمام (عليه السلام) في جميع ما تعرض له من مناظرات ومحاورات منتصرا على خصومه، بما يملكه من إمكانات علمية هائلة، وما يعتمده من الحجة الواضحة في إثبات الحق، والقول الفصل، والبيان المعجز، والأسلوب المنهجي الهادئ، إلى الحد الذي وجد المأمون نفسه مضطرا إلى الثناء على الإمام في نهاية المناظرات وفي أكثر من مرة، وسيأتي في غضون هذا الفصل أنه قال المأمون مرة بعد أن ناظره في عصمة الأنبياء: " لقد شفيت صدري - يا بن رسول الله - وأوضحت لي ما كان ملتبسا علي، فجزاك الله عن أنبيائه وعن الإسلام خيرا ".
وأخذ المأمون بيد محمد بن جعفر، وكان حاضرا المجلس، فقال له المأمون:
" كيف رأيت ابن أخيك؟ " فقال: عالم، ولم نره يختلف إلى أحد من أهل العلم.
فقال المأمون: " إن ابن أخيك من أهل بيت النبي الذين قال فيهم النبي (صلى الله عليه وآله):
ألا إن أبرار عترتي وأطايب أرومتي أحلم الناس صغارا، وأعلم الناس كبارا، لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم، لا يخرجونكم من باب هدى، ولا يدخلونكم في باب ضلال ".
وفي نهاية مناظرة الرضا (عليه السلام) مع المأمون أيضا بحضور أهل الكلام من الفرق