وقضى الامام الباقر (عليه السلام) نحبه شهيدا مظلوما يشكو إلى ربه ظلم وتعسف الحكام المجرمين من آل أبي سفيان وآل مروان، ومن سار على طريقتهم.
نعم، ويتأثر الإمام الباقر (عليه السلام) بهدي أبيه الإمام زين العابدين الذي قال فيه سعيد بن المسيب: (ما رأيت قط أفضل من علي بن الحسين).
وقال الزهري: (ما رأيت قرشيا أفضل منه). وقال غيرهم نحو مقولتهم هذه أمثال: أبو حازم، وزيد بن أسلم، وعمر بن العزيز، ومالك بن أنس وجابر بن عبد الله، وغيرهم.
ولا يسع المجال هنا لذكر أوصاف وصفات الإمام السجاد (عليه السلام) وسمو أخلاقه، وعلمه وحلمه، وشجاعته وكرمه، وورعه وتقواه، وهيبته، فقد بسطنا البحث في ذلك كله وتوسعنا في الجزء السابع من هذه الموسوعة والذي بحث فيه عن حياة الإمام السجاد (عليه السلام).
ولا غرو أن يكون الولد على سر أبيه، فيأخذ صفاته في خلقه وتقواه وورعه وزهده وشدة انقطاعه وإقباله على الله سبحانه.. كما أنه ليس غريبا أن تنطبع السيرة السجادية في قرارة نفس الإمام الباقر (عليه السلام) وترتسم في أعماق ذاته؛ ومن ثم لتطهر على مسرح الحياة العلمية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية لتصور السيرة المشرقة للامام (عليه السلام) التي هي امتداد لصور وسير آبائه الطاهرين، التي تجسد المثل العليا وروح الرسالة المحمدية (صلى الله عليه وآله) رسالة السماء الممتدة من عالم ما وراء الطبيعة إلى الأرض.
نعم، وتمر هذه السيرة المعطاءة على الدنيا فتملؤها بنور العلم، وتفعمها بهدي السماء، وتكسوها من خلق الربوبية.. فتأتي الأجيال بعد ذلك لتنهل من ذلك النبع الصافي.. وتلك هي سيرة الأنبياء والمرسلين.