عبد الله فسلمت عليه فرد علي السلام وقال لي: من أنت؟ - وذلك بعدما كف بصره - فقلت: محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، فقال: يا بني، ادن مني، فدنوت منه فقبل يدي ثم أهوى إلى رجلي فقبلهما فتنحيت عنه، ثم قال: يا بني ادن مني فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقرؤك السلام فقلت: وعلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) السلام ورحمة الله وبركاته، وكيف ذلك يا جابر؟ ثم ذكر بقية الحديث الأول.
وهذا الحديث مخالف لكثير من الأخبار الشاهدة بشهادة جابر له بقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبإقرائه السلام وهو مبصر، ولهذا شاهد علاماته وشمائله التي أودعها إياه وهي لا تكون إلا مع الإبصار، فلعله قد لقيه مرتين ويشهد لهذا ما في كشف الغمة (1) عن أبي الزبير، محمد بن مسلم المكي أنه قال: كنا عند جابر بن عبد الله فأتاه علي بن الحسين (عليه السلام) ومعه ابنه محمد (عليه السلام) وهو صبي، فقال علي (عليه السلام): قبل رأس عمك فدنا محمد (عليه السلام) من جابر فقبل رأسه، فقال جابر: من هذا؟ وكان قد كف بصره، فقال علي (عليه السلام): هذا ابني محمد فضمه جابر إليه، فقال:
يا محمد يا محمد إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقرؤك السلام، فقالوا لجابر: كيف ذلك يا أبا عبد الله؟ قال: كنت عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) والحسين (عليه السلام) في حجره يلاعبه، فقال:
يا جابر يولد لابني هذا ابن يقال له علي (عليه السلام) إذا كان يوم القيامة نادى مناد: ليقم سيد العابدين فيقوم علي بن الحسين (عليه السلام)، ويولد لعلي بن الحسين (عليه السلام) ابن يقال له محمد، يا جابر إن رأيته فاقرئه مني السلام واعلم أن بقاءك بعد رؤيته يسيرا فلم يعش بعد ذلك جابر إلا يسيرا (2).