عليه) ومن غيره (١).
وبعد كربلاء يتولى الإمام زين العابدين (عليه السلام) تنشئة ابنه محمد، ويعده إعدادا خاصا لتسلم منصب الإمامة، ونشر فقه الرسالة المحمدية، التي كاد نجمها يؤول إلى الأفول، لولا أن الله سبحانه تعاهد رسالته الخاتمة بحفظها على يد الصفوة المختارة من آل النبي محمد (صلى الله عليه وآله).
لقد عاش الإمام الباقر (عليه السلام) مع أبيه السجاد (عليه السلام) نحوا من ثمان وثلاثين سنة في أكثر التقادير، وصاحبه طيلة مدة حياته فلم يفارقه حتى لبى نداء ربه والتحق بالرفيق الأعلى. فشاهد ما عاناه أبوه الإمام زين العابدين (عليه السلام) من جور وعسف حكام الضلال الظالمين، كما مرت على الإمام الباقر (عليه السلام) نفسه فترة العهود المظلمة من حكم بني أمية - وكل أيام حكمهم مظلمة عدا سنين قلائل قد لا تتجاوز الثلاثة من حكم عمر بن عبد العزيز - حيث كان الحكم بيد الباغي معاوية بن أبي سفيان، ثم من بعده ابنه يزيد الخمور والفجور، ثم يستولي على زمام الخلافة طريد رسول الله (صلى الله عليه وآله) مروان بن الحكم بعد أن تنازل عنها معاوية بن يزيد آخر من حكم من بني أمية؛ ليؤول الحكم إلى البيت المرواني.. ثم يتوالى على الحكم أناس أقل ما يقال بحقهم أنهم:
﴿استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله﴾ (2)، أمثال عبد الملك بن مروان والوليد بن عبد الملك وسليمان بن عبد الملك وعمر بن عبد العزيز وهو أهونهم شرا، ويزيد بن عبد الملك، وآخر الذين عاصرهم الإمام الباقر (عليه السلام) هشام بن عبد الملك الذي كان أكثرهم شرا وأعتاهم على أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
ومن خلال استعراض أسماء من ذكرنا ممن عاصرهم الإمامان السجاد والباقر (عليه السلام) يتبين مدى الظلم والتعسف والحيف الذي وقع على الإمام السجاد (عليه السلام) وشيعته من بعده، ومن بعده ولده الامام الباقر (عليه السلام) من قبل أولئك الطغاة.