له قنطار من تبر (1).
كما وردت أحاديث وروايات عديدة عن النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام) تدل بمجموعها على فضل قراءة القرآن في المصحف الشريف على القراءة عن ظهر القلب، منها قول الصادق (عليه السلام) لإسحاق بن عمار لما سأله عن أفضلية قراءة القرآن في المصحف أو عن ظهر القلب، فأجابه: بل اقرأه وانظر في المصحف فهو أفضل. أما علمت أن النظر في المصحف عبادة؟ ثم قال (عليه السلام): من قرأ القرآن في المصحف متع ببصره، وخفف عن والديه وإن كانا كافرين.
وفي الحث على القراءة في نفس المصحف نكتة جليلة ينبغي الالتفات إليها، وهي الإلماع إلى كلاءة القرآن عن الاندراس بتكثير نسخه، فإنه لو اكتفي بالقراءة عن ظهر القلب لهجرت نسخ الكتاب، وأدى ذلك إلى قلتها، ولعله يؤدي أخيرا إلى انمحاء آثارها.
على أن هناك آثارا جزيلة نصت عليها الأحاديث لا تحصل إلا بالقراءة في المصحف. منها قوله (عليه السلام): متع ببصره، وهذه الكلمة من جوامع الكلم، فيراد منها أن القراءة في المصحف سبب لحفظ البصر من العمى والرمد، أو يراد منها أن القراءة في المصحف سبب لتمتع القارئ بمغازي القرآن الجليلة ونكاته الدقيقة؛ لأن الإنسان عند النظر إلى ما يروقه من المرئيات تبتهج نفسه، ويجد انتعاشا في بصره وبصيرته. وكذلك قارئ القرآن إذا سرح بصره في ألفاظه، وأطلق فكره في معانيه، وتعمق في معارفه الراقية وتعاليمه الثمينة يجد في نفسه لذة الوقوف عليها، ومتعة الطموح إليه، ويشاهد انفتاحا في روحه وتطلعا من قلبه (2).