العقل. ولا عدم عقل كقلة اليقين. ولا قلة يقين كفقد الخوف. ولا فقد خوف كقلة الحزن على فقد الخوف. ولا مصيبة كاستهانتك بالذنب ورضاك بالحالة التي أنت عليها. ولا فضيلة كالجهاد. ولا جهاد كمجاهدة الهوى. ولا قوة كرد الغضب، ولا معصية كحب البقاء. ولا ذل كذل الطمع. وإياك والتفريط عند إمكان الفرصة، فإنه ميدان يجري لأهله بالخسران.
(ومن كلامه (عليه السلام) لجابر أيضا):
خرج يوما وهو يقول: أصبحت والله يا جابر محزونا مشغول القلب، فقلت: جعلت فداك ما حزنك وشغل قلبك، كل هذا على الدنيا؟ فقال (عليه السلام): لا يا جابر، ولكن حزن هم الآخرة، يا جابر، من دخل قلبه خالص حقيقة الإيمان شغل عما في الدنيا من زينتها، إن زينة زهرة الدنيا إنما هي لعب ولهو وإن الدار الآخرة لهي الحيوان، يا جابر، إن المؤمن لا ينبغي له أن يركن ويطمئن إلى زهرة الحياة الدنيا. واعلم أن أبناء الدنيا هم أهل غفلة وغرور وجهالة وأن أبناء الآخرة هم المؤمنون العاملون الزاهدون أهل العلم والفقه وأهل فكرة واعتبار واختبار لا يملون من ذكر الله.
واعلم يا جابر: أن أهل التقوى هم الأغنياء، أغناهم القليل من الدنيا فمؤونتهم يسيرة، إن نسيت الخير ذكروك. وإن عملت به أعانوك، أخروا شهواتهم ولذاتهم خلفهم وقدموا طاعة ربهم أمامهم. ونظروا إلى سبيل الخير وإلى ولاية أحباء الله فأحبوهم، وتولوهم واتبعوهم.
فانزل نفسك من الدنيا كمثل منزل نزلته ساعة ثم ارتحلت عنه، أو كمثل مال استفدته في منامك ففرحت به وسررت ثم انتبهت من رقدتك وليس في يدك شئ. وإني إنما ضربت لك مثلا لتعقل وتعمل به إن وفقك الله له. فاحفظ يا جابر ما أستودعك من دين الله وحكمته. وانصح لنفسك وانظر ما الله عندك في حياتك، فكذلك يكون لك العهد عنده في مرجعك. وانظر فإن تكن الدنيا عندك على غير ما وصفت لك فتحول عنها إلى دار المستعتب اليوم، فلرب