امتحن في سبيلهم كأعظم ما يكون الامتحان فتعرض لسخط الأمويين ونقمتهم، وقضى شطرا من حياته في السجن، يلاحقه الفزع والرعب، في قصة مفصلة اعرضنا عنها روما للاختصار. وهو لم يبتغ بذلك إلا وجه الله والدار الآخرة (1).
وأخيرا شاء الله لهذا العملاق العظيم الذي كافح عن حقوق أهل البيت (عليهم السلام) أن يرزق الشهادة على يد شرار بريته، والي العراق يوسف بن عمر.
وبعد هذه الجولة القصيرة في رحاب الشاعرين كثير عزة والكميت الأسدي وأخبارهما مع الإمام الباقر (عليه السلام) أقول: ما زال النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته يستنشدون الأشعار في مدائحهم ومراثيهم ويجيزون عليها ويدعون لقائلها ويبشرونه بثواب الآخرة ويبكون عند سماع مراثيهم من أوليائهم ومحبيهم.
فعن عبد الرحمن بن يحيى بن سعيد قال: حدثني رجل من بني هاشم قال: كنا عند محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام)، وأخوه زيد جالس إلى جانبه، فدخل رجل من أهل الكوفة فقال له محمد بن علي: أتروي شيئا من طرائف الشعر ونوادره؟ فقال: نعم. قال: كيف قال الأنصاري لأخيه؟ فأنشده:
لعمرك ما كان أبو مالك * بوان ولا بضعيف قواه ولا ما لديه نازع * يعادي أخاه إذا ما نهاه وإن سدته سدت مطواعة * ومهما وكلت إليه كفاه فوضع محمد بن علي يده على كتف أخيه زيد وقال: هذه صفتك يا أخي وأعيذك بالله أن تكون قتيل أهل العراق (2).
ومن كتاب جمعه الوزير السعيد مؤيد الدين أبو طالب محمد بن أحمد بن محمد بن علي العلقمي (3)، قال: ذكر الشيخ الأجل أبو الفتح يحيى بن محمد