فقبضها، فتداكوا عليه تداك الإبل الهيم على وردها، حتى كاد بعضهم يقتل بعضا، فلما رأى منهم ما رأى سألهم أن تكون بيعته في المسجد ظاهرة للناس، وقال:
إن كرهني رجل واحد من الناس لم أدخل في هذا الأمر.
فنهض الناس معه حتى دخل المسجد، فكان أول من بايعه طلحة. فقال قبيصة ابن ذؤيب الأسدي: تخوفت أن لا يتم له أمره؛ لأن أول يد بايعته شلاء. ثم بايعه الزبير، وبايعه المسلمون بالمدينة، إلا محمد بن مسلمة، وعبد الله بن عمر، وأسامة بن زيد، وسعد بن أبي وقاص، وكعب بن مالك، وحسان بن ثابت، وعبد الله بن سلام.
فأمر بإحضار عبد الله بن عمر، فقال له: بايع. قال: لا أبايع حتى يبايع جميع الناس. فقال له (عليه السلام): فأعطني حميلا أن لا تبرح. قال: ولا أعطيك حميلا. فقال الأشتر: يا أمير المؤمنين، إن هذا قد أمن سوطك وسيفك، فدعني أضرب عنقه!
فقال: لست أريد ذلك منه على كره، خلوا سبيله. فلما انصرف قال أمير المؤمنين: لقد كان صغيرا وهو سيئ الخلق، وهو في كبره أسوأ خلقا.
ثم أتي بسعد بن أبي وقاص، فقال له: بايع. فقال: يا أبا الحسن خلني، فإذا لم يبق غيري بايعتك، فوالله لا يأتيك من قبلي أمر تكرهه أبدا. فقال: صدق، خلوا سبيله.
ثم بعث إلى محمد بن مسلمة، فلما أتاه قال له: بايع. قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمرني إذا اختلف الناس وصاروا هكذا - وشبك بين أصابعه - أن أخرج بسيفي فأضرب به عرض أحد فإذا تقطع أتيت منزلي، فكنت فيه لا أبرحه حتى تأتيني يد خاطية، أو منية قاضية. فقال له (عليه السلام): فانطلق إذا، فكن كما أمرت به.
ثم بعث إلى أسامة بن زيد، فلما جاء قال له: بايع. فقال: إني مولاك، ولا