وهو رمز النفوذ الخلاق والجاذبية الخالدة للحكم العلوي، والحد الفاصل بين تخوم السياستين العلوية والأموية، فإنه لا معنى للصدق ولا مكان له في قاموس السياسة الأموية، والكذب هو الأداة الأساسية في ضروب الفعالية السياسية عند السياسيين المحترفين.
يذكر الإمام الخميني أن أحد مسؤولي النظام الملكي السابق زاره عندما كان في السجن، وقال له: " إن السياسة خبث وكذب وخداع... وهي بلاء سيئ، اتركوا ذلك لنا "!
يضيف الإمام الخميني في تتمة الواقعة: " صحيح ما يقوله؛ فلئن كانت السياسة لا تعني إلا هذه الأمور، فهي من شؤونهم " (1). أجل، إذا ما حذف الكذب عن السياسة في عالم السياسيين المحترفين فلن يبقى منها شيء.
أما في قاموس السياسة العلوية فإن الصدق أول شروط الحكم والتأهل السياسي، فإذا لم يكن ثم وجود للصدق السياسي فلن يكون هناك معنى لسيادة الحق، وحاكمية القانون، وحقوق الإنسان، والعدالة الاجتماعية، وجميع البرامج والسياسات البناءة التي سنشير لها بعدئذ، حيث تتحول بأجمعها إلى كلمات فارغة لا معنى لها، وتنقلب إلى أداة للإبتزاز والتعدي على حقوق الناس أكثر.
في نهج السياسة العلوية لا يجوز توظيف الحيل السياسية إلا في مورد واحد هو الحرب، والحرب هي الاستثناء الوحيد للجوء إلى الخديعة، كما سيأتي توضيح ذلك أثناء الحديث عن السياسة الحربية للإمام (عليه السلام).