وبهذا فقد سد الفراغ الفكري والثقافي الذي وجدت الإدارة نفسها أمامه وجها لوجه.
ان تجاوز حالة الذاتية وبالرغم من العذاب والقهر الذي تعرض له ليؤكد مخزونه الروحي العميق وإخلاصه للرسالة ومستقبل الامة الإسلامية الفتية.
من أجل هذا وضع الامام علي (عليه السلام) كل قدراته العلمية والثقافية والسياسية في خدمة الإدارة الحاكمة، فكان المستشار والمنقذ في الأزمات والمصاعب التي واجهتها أجهزة الدولة.
* * * إن الثورة الثقافية والنهضة الفكرية الكبرى التي أحدثها الإسلام كانت من العمق في تجذرها، ومن السعة في انتشار أشعتها، بحيث لا يمكن ايقاف مدها، ومن المؤكد أنه في مثل هذه الظروف والأجواء الفكرية والثقافية لا يمكن العثور على بديل يستطيع أن يشغل دور أمير المؤمنين (عليه السلام) في قيادة سفينة التمدن والحضارة الاسلامية.
وبالرغم من أن الخلفاء كانوا يعدون عليا (عليه السلام) المنافس الأكبر (والوحيد في عهدي أبي بكر وعمر ثم ظهر منافسون آخرون بعد تشكيل عمر الشورى) إلا أنهم لم يستغنوا عنه وعن قدراته وقابلياته العلمية، ولهذا كانوا يستنجدون به متجاوزين عقدهم النفسية إزائه.
وهل هناك أدل من الجدل العلمي والفكري الذي احتدم في المدينة، فكان علي (عليه السلام) هو بطل المواجهة الذي هزم علماء النصارى وأحبار اليهود.
ولم يكن هناك من جواب عن أسئلة اليهود والمسيحيين سوى كلمات علي (عليه السلام).
وفي ميدان القضاء برز اسم علي (عليه السلام) في أعقد الملفات القضائية التي واجهها