مرارة غياب الوحي الإلهي ورحيل الإنسان الذي صاغته السماء.
غير أن ما ضاعف الفجيعة هو ما حصل من حوادث مريرة أعقبت رحيل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
كان أول انتهاك حصل هو التمرد على نص واضح للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في تعيين خليفته، حيث تم إقصاء أهل البيت (عليهم السلام) وهم معدن الوحي والرسالة عن الإدارة والقيادة والحكم.
وفي تلك الأزمة العاصفة والمرحلة الحساسة والخطيرة جاء موقف الامام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في مستوى الشعور بالمسؤلية والحرص على مستقبل الإسلام والدولة الإسلامية، فاختار الصبر والصمت من أجل أن تتجذر شجرة الدين الاسلامي في الحياة الإنسانية.
* * * هل استطاعت الأجهزة الحاكمة بإقصاء علي (عليه السلام) عن الخلافة وانتزاع البيعة منه محو اسمه من أذهان الرأي العام؟ وهل سقط اسمه بمرور الزمن من ذاكرة الامة الإسلامية؟
من المؤكد أن الإدارة التي أعقبت وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بضعفها الشديد، بل ان أية حكومة مهما بلغت من إمكاناتها الدعائية والمالية والسياسية عاجزة تماما عن تحقيق ذلك.
لقد ظل اسم علي (عليه السلام) أملا يبعث الدفء في قلوب المؤمنين، وظلت مشاهده البطولية ومواقفه المشرقة خالدة ولذا فهو الرجاء والمنقذ في كل أزمة تواجه الرسالة والرساليين... فهو الحاضر الغائب والشاهد الذي يمارس دوره البناء بالرغم من سياسة الإقصاء.
المسلمون المخلصون لم ينسوا أبدا تاريخ مسيرتهم الجهادية في مكة