وصنوف العذاب والمعاناة التي مروا بها ومرت بهم... لم ينسوا محنتهم... لم ينسوا أيام الهجرة والعذاب والحرمان... ولم ينسوا أيضا مواقف علي (عليه السلام) في فداء سيدهم وقائد مسيرتهم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
لقد اقترن اسم علي (عليه السلام) بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) اقتران الروح بالروح والنور بالشمس حتى يستحيل الفصل بينهما... فكان علي (عليه السلام) الامتداد الوجداني بعد غياب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
إن ظلا له الوارفة موجود في كل شبر من المدينة المنورة في النخيل والمسجد والينابيع المتدفقة بالمياه... كل شيء فيها يثير الذكريات العطرة حيث يتألق اسم علي (عليه السلام) مكتوبا بأحرف من نور.
لم يسقط من الذاكرة يوم الدار في مكة وقد دعا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) «عشيرته الأقربين» (1) فكان صوت علي (عليه السلام) الوحيد الذي لبى دعوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الإيمان والتوحيد ونبذ الالهة المزيفة، ومن أجل هذا عانقه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأعلن أنه وصيه وخليفته من بعده (2).
وفي أيام الحصار في الوادي... في شعب أبي طالب (عليه السلام) يتألق اسم علي (عليه السلام) مضيئا في دنيا الفداء والتضحية، وكانت عيون الأطفال ترنو إلى علي (عليه السلام) فقد يملأ بطونهم الخاوية خبزا وطعاما.
وعندما حانت الساعة... ساعة الهجرة يوم قرر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مغادرة مكة إلى المدينة، وكان على علي (عليه السلام) أن يأوي إلى فراش النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويوهم الكفار أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما يزال في فراشه... أنه يقدم روحه فداء من أجل الإسلام والرسالة والرسول.